شريك له ولا ضد ولا ند، ولا يجوز أن ينسب إليه وجود الظلمة، كما قالت الزروانية.
لكن الخير والشر والصلاح والفساد والطهارة والخبث، إنما حصلت من امتزاج النور والظلمة، ولو لم تميزها لما كان وجود للعالم، وهما يتقاومان ويتغالبان إلى أن يغلب النور الظلمة والخير الشر، ثم يتخلص الخير إلى عالم والشر إلى عالم، وذلك هو سبب الخلاص، والباري تعالى هو مزجها وخلطها، وربما جعل النور أصلا، وقال: إن وجوده حقيقي، وأما الظلمة فتبع كالظل بالنسبة إلى الشخص، فإنه يرى أنه موجود وليس بموجود حقيقة، فأبدع النور وحصل الظلام تبعا، لأن من ضرورة الوجود التضاد، فوجوده ضروري واقع في الخلق، لا بالقصد الأول كما ذكرنا في الشخص والظل.
وله كتاب قد صنفه وقيل: أنزل ذلك عليه وهو (زندستا)، يقسم العالم قسمين ميتا وكيتي يعني الروحاني والجسماني والروح والشخص، وكما قسم الخلق إلى عالمين، يقول: إن ما في العالم ينقسم إلى قسمين أخشش وكنس، ويريد به التقدير والفعل، وكل واحد مقدر على الثاني، ثم يتكلم في موارد التكليف وهي حركات الإنسان، فيقسمها ثلاثة أقسام: منش وكنس وكنش، يعني بذلك الاعتقاد والقول والعمل، وبالثلاثة يتم التكليف. ولم تختم المذاهب المتجددة في المجوسية، بمذهب زرادشت وتفسيراته المتعددة، بل بقيت هذه المذاهب تتجدد، إلى ما بعد شيوع المسيحية بعدة قرون، وأشهرها وأهمها في تاريخ المقابلة بين الأديان، مذهب مترا ومذهب ماني المعروف بالمانوية".
انتشر مذهب مترا في العالم الغربي، بعد حملات بومبي الآسيوية، وتدفق الأسيويين من جنده إلى حواضر سوريا وأسيا الصغرى، وأيده القياصرة لأنه كان يرفع سلطان الملوك إلى عرش السماء، ويقول: "إن الشمس تشع عليهم، قبسا