هذا؛ ويمكن القول بأن العبادات عند الزرادشتية كل ما يتوجه به المرء إلى إلهه ومعبوده يطلق عليه جانب العبادات، ومن أهم العبادات في الزرادشتية، عبادة النار وتقديسها، ويسمونها أتار، وتحاول كل أسرة أن تبقي نار بيتها متقدة أبدا، كما عبد الزرادشتيون الشمس وقدموا لها الصلوات؛ لأنها تمثل أهورا مازدا إله النور، فهم يتوجهون بالعبادة والدعاء إلى النار في تراتيلهم وصلواتهم، ويقولون: أيتها النار يا بنة أهورا مازدا.
وقد فرض زرادشت على أتباعه خمس صلوات في اليوم والليلة، وكان واحدة منها عند بزوغ الشمس، وواحدة عند الظهر، وواحدة عند غروب الشمس، والصلاة عنده دعاء، يوجه إلى أهورا مازدا في شتى المناسبات، وخلاصته ترجمة دعائه المأثور: "أرجو منك أيها الرب الخالق المطلق القدير، أن تغفر لي ما ارتكبت من سيئات، وما دار بخلدي من تفكير سيئ، وما صدر عني من قول أو عمل غير صالح، إلهي إنني أرجو منك أن تباعد بيني وبين الخطايا، حتى أحشر يوم الدين مع الأطهار الأخيار". وهكذا فإن من أهم أمور العبادة، الدعاء والتضرعات للنار المقدسة وعبادتها، وكذلك عبادة الصلوات الخمس، التي يقيمونها ويؤدونها أمام هيكل وموقد النار.
وليس في الزرادشتية صوم؛ لأنهم يعتقدون أن الصوم إرهاق للجسد، وتعطيل لعمل العقل، والزرادشتية دين كفاح نفس وعمل روحي ونظام دنيوي، لا يتطلب إلا عمل العقل، وعمل العقل مع صحة البدن، لهذا حرمت الزرادشتية الصوم، وعلى هذا فإن الصوم ممنوع عندهم، لأنه يتنافى في اعتقادهم مع المبادئ، التي دعت إليها الزرادشتية، من إنماء النسل والمحافظة على قوة البدن، وعلى مجابهة قوى الشر ومحاولة سحقها، ولا يستطيع أن يفعل ذلك ويقوم به إلا الرجال الأقوياء، والصوم كما يظنون يخالف ويضاد هذا.