يقول صاحب كتاب (زرادشت الحكيم): "وتكاد الطقوس والتعاليم الدينية الزرادشتية، تدور على محور واحد هو تقديس النار"، وفي موضع آخر يقول: "في جميع أنحاء إيران تقاد النيران، التي نظروا إليها نظرة قدسية خاصة، الأولى نار العظمة الربانية، التي كانت بهيكل كابول، والثانية نار الأبطال، وكانت تشعل في هيكل على جبل أزنون، على سواحل جزيرة أورمية على مقربة من مسقط رأس زرادشت، والثالثة نار العمال، وكانت تشعل على جبل يوتنت بخراسان، فالنار أصبحت مقدسة عند كل زرادشتي، بل توجهوا إليها بالعبادة والتضرع في صلواتهم".
أما عن تقديس بقية العناصر، فلم يقف الزرادشتيون عند تقديس الشمس والنار، بل إنهم كانوا يقدسون سائر العناصر الأربعة وهي التراب والماء والهواء، ولأمر ما لم تدفن جثة الميت في التراب، ولم تحرق في النار، ولم يذر رمادها في الهواء، كما يفعل بعض أرباب الديانات الأخرى قبل الهندوسية، ولكن الزرادشتيين نظرا لاعتقادهم نجاسة الميت، فإنهم لا يضعونه في العناصر المقدسة، ولا يجعلونه يمسك خشبة، أن ينجس الميت في اعتقادهم هذه العناصر الطاهرة.
ورغم كل هذا يزعم الزرادشتيون أنهم موحدون، لا يعبدون ولا يقدسون إلا إلها واحدا، وكان أول عهد يأخذه الزرادشتي على نفسه، كما جاء في الأفستا المقدسة: "لن أقدم على سلب أو نهب ولا تخريب أو تدمير، ولن آخذ بالثأر، وأقر أني أعبد الإله الواحد أهورا مازدا، وأني أعتقد دين زرادشت، وأقر أني سألتزم التفكير في الخير والكلام الطيب والعمل الصالح".
وهكذا انتهت عقيدة الزرادشتيين، إلى عبادة المخلوقات مع الإله أهورا مازدا، ووصفه بصفات النقص، وتقديس بعض أمور الطبيعة، من نار وماء وتراب وهواء