ومن الضروري أن نقول شيئًا ما في البداية عن العيد الذي جرت فيه هذه الوجبة التي عُرفت باسم الوليمة المقدسة، وهي التي جرى الاحتفالُ بها في نهاية الشهر الثاني عشر، أو نهاية شهر الصوم المانوي، وكان محور هذا العيد هو تذكّر وفاة "ماني" مؤسس الدين، والذي كان حاضرًا بشكل خفي، حيث تمت في مناسبة الاحتفال إقامة سرير من نوع مجلس القاضي، وهذا ما تعنية كلمة "بيوئا" الإغريقية، وكان مرفوعًا بخمس درجات، وتمت تغطية السرير بالسجاد حتى أصبح مركزَ استقطاب اهتمام جميع الحضور. ويلاحظ في هذا المقام أن المكان فارغ.

الذي يرمز إلى وجود المعلم المتوفى يجد مكانه الموائم في الديانة البوذية، حيث عبرت المنصة الفارغة عن صعود بوذا إلى سماء الآلهة الثلاثة والثلاثين، ولا شك أن المانويين قد تبنوا تطوير هذا العيد عن البوذيين. وقال "أوغسطين": إن مجتمع المانوي قد احتفل بهذا العيد معتبرًا إياه بمثابة عيد رئيسي له، وذلك بدلًا من الاحتفال بعيد الفصح، وذكر من قبل الاستشهاد بالمقاطع الواردة، حيث ناقشت مسألة العشاء الرباني بين المانوية، كما أن الافتراءات التي ساقها "أوغسطين" كانت حاسمةً تمامًا من حيث تأكيدها في أنه كان هناك عشاء رباني مقدس، وتم التأكيد أخيرًا في كتاب (أعمال الأراكنة) بعدما جرى تأكيد وجود البراءة على أن المجتبى قد أكل الخبز الممنوح له بعد رحيل السماء، وصلى بعدما فرَغ من وجبته، ورشَّ رأسه بزيت الزيتون، وهو يردد بقصد التعويذ العجيب من الأسماء التي كانت مجهولة بالنسبة للسماعين، فليس من المدهش أن "أوغسطين" لم يكن قادرًا كسَمَّاع على تقديم أية تفاصيل بخصوص العشاء الرباني، وذلك عند رؤيته أنه قد جرى إحصاء السماعين، ومنعهم من حضور هذا العشاء المقدس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015