ومن ذلك أن الإنسان عندما سلب من حريته أصبح، وكأنه في السجن، وكان محاطًا بالخوف الشديد، كما كان مخمورًا بنوبة التضليل مثلما يفعل المخدر، وكان أيضًا مبهورًا من المعاناة، وكأنه في هاوية الظلام قد قهرته ضربة الفسوق، وكأنها لدغة أفعى، وتظهر جميع هذه الاستعارات الكلامية من جديد في المانوية، وهي متجمعة ومتغلغلة بشكل جلي في العقائد الرافدية خاصة في عقيدة تموز، وباسطاعتها بسهولة أكبر أن تربح الجولة لصالحها، وعليه لم يكن ماني مبدعًا لها؛ فقد وجدت من زمن طويل قبله، ولربما نالت رموزها العرفانية قبل قرون مضت.

وتقع المصطلحات التالية مثل: ظلام، وسجن، وسمالة، وإيقاظ مع مصطلحات أخرى مألوفة تحت عنوان المصطلحات الغنطوسية؛ لأنه بالنسبة للقدم، ولأصل التقوى الأنطوسية ليست هذه التعابير بدون أهمية؛ حيث تظهر هذه المصطلحات في السبيل الأخير للتطبيق الفني الصرف في محيط هندي الإيراني ومن ناحية أخرى، نجد أن الأهم من ذلك هو أن العقيدة الهندية الإيرانية تعرض على العالم المادي وجهة نظر تفرض استخدام لهذه اللغة الغنطوسية، وبالفعل إن الدين الهندي الإيراني يظهر كما هو معترف به على أنه واحد صارد عن عدة ينابيع، وأنه يهدف نحو تحقيق مفهوم عالمي متشائم؛ لاحتقار وازدراء الوجود المادي، ويتشوق إلى الآخرة والزهد الناشئين عن ذلك، وفيه حافز عميق لهجر العالم، وتصبح هذه النزعة الهندية النموذجية الطريق نحو الفداء، وتسمى باسم طريق المعرفة؛ لأنها ترتكز على التوضيح الفدائي، وهي أن الروح الفردية متطابقة مع العظيم أوبرهمة، وهذا الذي يحدوا بنا إلى العقيدة التي تأتي بعد الروح بمثابة مركز للفداء، وما بعدها من عقائد.

وصلّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. والسلام عليكم ورحمته وبركاته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015