فقد تمَّ صدور إلههم الأسمى، واشتقاقهم من زروان الخنسي الذي مارس أثناء عملية الخلق دور الأب والأم، وواصلت الكتابات قولها: إن أهرامان الذي جاب عالم الظلام وصل في إحدى المرات إلى النور ولمحه. عند هذا خلق عالم النور من الأسفل بصحبة الجماعات المسلحة من شياطين الظلام التي استدعاها، ومع ذلك فإن موضوع النزاع نفسه كان أقدم بكثير من تاريخ تدوينه في هذيه المصدرين، فقد روى المؤرخ الكلاسيكي بلوتاخ أثناء اقتباسه من مذكرات الكاتب شيوبو مبوس كيف هاجم أهرامان مع شياطينه العالم العلوي، وكيف اختلط بذلك الخير مع الشر وفق وجهة النظر الزرواني، التي شهد بصحتها كتاب (الحكمة)، المكتوب باللغة الإيرانية الوسيطة، وهي تقول: إن العالم كان على شكل بيضة، وذكر بلتاخ هذا أيضًا.

ومن ناحية أخرى كان الإله الكائن الأسمى نقيًّا، ولذلك لم يكن أهلًا للصراع والنزاع، إذن ماذا كان عليه أن يعمل ليحبط قوة الشر، لقد استدعى أم الحياة، ويلاحظ هنا أن ماني لم يستخدم قط تعابير مثل يخلق، بل استخدم دائمًا فعل يستدعي، مثلما جرى استخدام كلمة "قرا" باللغة السريانية، ومثلما استخدم المدعيون الاسم نفسه بهذا المعنى الخاص، ثم إن تسمية أم الحياة تذكر بحقيقة الحياة الأولى والحياة الثانية، وعلى الأرجح الحياة الثالثة، وهي تسميات ظهرت مرتبطة مع الطهارة، وهي الحركة الغنطوسية التي انبسقت عنها المانوية نفسها.

ويتطلب التشبيه بشكل موائم أن يكون هناك أب للحياة، وعوضًا عن ذلك هنالك إله العظمة، جرى ذكره بمثابة كائن أسمى في النصوص المتبقية للتقاليد السريانية، وهنا لا يمكن فقط تخمين الصلات في الخلفية مع المفاهيم الرافدية التي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015