هذا ولا نعرف نوع الهيكل الذي يصفه النص العربي، ويسميه بيت الأصنام، فمن المحتمل أن هذه التسمية تتطابق مع بيت بتركي، وهي عبارة سريانية وردت في حكاية جيريانوس، وأطلقت على المعابد الوثنية في سوريا، أو لعلها تتطابق مع عبارة بوتخانا، وهي عبارة تطلق في الفارسية الجديدة على المعبد البوذي بيت بوذا، هذا وليس من المستبعد أيضًا أن المقصود هو المعبد البوذي؛ لأنه من المحتمل كثيرًا أنه كان هناك مقر إرسالية إرشادية بوذية في بلاد الرافدين، منذ أيام الامبراطور أزوكا، ومهما يكن الأمر؛ فقد حملت مريم بعد فترة وجيزة من حادثة بيت الأصنام بولد سمته ماني.
هذا؛ ويمكن تحديد تاريخ ميلاد ماني على أنه حدث في الرابع عشر من نيسان لعام ستة عشر ومائتين للميلاد، وبالطبع نجد أن الاسطورة المانوية قد زخرفت هذا الحدث بكل أنواع البشائر الإعجازية الرائعة، فمن المفترض مثلًا أن أم ماني قد علمت عن طريق الرؤى والإلهامات لما قدر لابنها من مواهب وعظمة مقبلة، زد على هذا أنها رأته يُصعد به إلى السماء ثم يهبط منها، هذه المسألة الأخيرة هي الناحية التي تستبق قيام التقاليد الغريبة المتعلقة بصعود ماني إلى السماء.
ونظرًا لتنوع الروايات حول تحديد مكان ولاية ماني، بات من المحال الوصول إلى نتيجة حاسمة، وتبعًا لروايته هو كما حفظها لنا الإمام البينوني في كتابه (الآثار الباقية)، فإنه ولد في قرية تدعى مردونوس من نهر قوسا الأعلى، من بلاد بابل الشمالية، وأكد ماني هذه الرواية وقال: بأن مولده حدث بالفعل في بلاد بابل، وذلك في قصيدة الشهيرة وصفبها ذاته فقال: إنني أنا الرسول الشكور المبعوث من أرض بابل.