وأين الانقطاع بالعزلة إلى الله والرهبان والراهبات لم ينعزلوا لله، بل للكيد للإسلام والمسلمين، والطعن في دينه، وتلك الحركة الاستشراقية والتنصيرية خير شاهد على ذلك، فالرهبان هم طلائع المستشرقين والمنصرين، فالعزلة عند السابقين تخريب للبيوت والأسر وتشتيتها، لقد اتهم جمهور الرومان الدين المسيحي بالعمل على تشتيت الأسر وخراب البيوت؛ حيث كان الواحد منهم يهجر عائلته وأرضه، ومن ثم كان سخط الجموع الوثنية الرومانية أشدّ من سخط الأباطرة أنفسهم.
والعزلة عند المعاصرين تلبيس على الغير؛ لإدارة رحى الحرب على الإسلام والمسلمين بحجة التمكين لدين المسيح، فأخذوا في العمل وشيدوا المصانع في الأديرة، وأقاموا مزارع، وأسسوا مشروعات، واشترطوا على من يريد الانخراط في سلك الرهبنة، أن يكون حاصلًا على مؤهل متوسط على الأقل حتى يكون عارف بدوره المنوط به أداؤه.
ورأينا الآن من الرهبان ممن هم أطباء ومهندسون ومدرسون وغيرهم، ألا يدل ذلك على مدى التناقض شأن الباطل دائمًا، فماذا بعد الحق إلا الضلال.
خامسًا: الطاعة المطلقة لجل الدين، واعتقاد عصمته، وعبادة الرهبان في الميزان.
لقد قرر الإسلام حقيقة جوهرية وهي أن العصمة واجبة للأنبياء والرسل، فلهم حق الطاعة؛ لأنهم يوحى إليهم من عند الله، لكن زعم السلطان الرسولي المعطى للإنسان التابع للنبي أيُّ نبي في أيَّة أمة لا حظ له في الواقع الديني، وبالتالي فإن صكوك الغفران أبطلها الإسلام بقوله: {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ} (آل عمران: 135)، وبقوله: {فَأُلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} (الفرقان: 70)، فالله وحده لا غير هو الغفار؛ وبالتالي فالأساس الذي اعتقده