أواسط أسيا، وكان دخولها إلى الصين بطريق البحر أيضًا، ومن الصين اتجهت إلى الشمال الشرقي ودخلت كوريا، وكان لنشاط الحجاج الصينيين الذين زاروا الهند وسيلان وجاوا بين سنة ثلاثمائة وتسع وتسعين، وسنة أربعمائة وأربعة عشر ميلادية أثر كبير في نشر البوذية في هذه البقعة.
كانت البوذية في هذه البقاع تتعاون تعاونًا كاملًا مع النظام الملكي الذي كان مسيطرا خلال هذه القرون على هذه الأقطار، وبواسطة الارتباط بين الدين والسياسة انتشرت البوذية، وكثر تابعوها، وشهدت هذه المدة تقدما واضحا في الثقافة البوذية التي أخذت تقيم المعاهد، وتنشر تراثها على أتباعها.
وفي المدة التالية أي: من القرن السادس إلى العاشر الميلادي استمرت البوذية في التقدم، والانتشار، وبخاصة من كوريا والصين إلى اليابان، ومن الهند إلى نيبال، ثم إلى التبت، وزادت مواكب الحجاج في هذه الفترة، وكثر نشاطهم، وتنقلهم إلى البلاد التي دخلتها البوذية.
يلاحظ في هذه الفترة أن الارتباط بين القصور الملكية الحاكمة وبين البوذية لم يكن دائمًا وطيدًا، وكان انتشار البوذية، أو تقلصها يتوقف على قوة الارتباط وضعفه، وتعد هذه الفترة من أزهى فترات البوذية من الناحية الثقافية، فقد اتضح تأثير البوذية على الآداب، والفنون في جميع البلدان التي دخلتها.
وفي المدة التالية أي من القرن الحادي عشر إلى الخامس عشر ضعفت البوذية واختفى كثير من آثارها؛ وذلك لعودة النشاط الهندوسي في الهند ولظهر والإسلام في الهند وفي سواها من الأقطار التي كانت تتربع فيهلا البوذية، ولكن البوذية اتجهت بنشاطها في هذه الفترة فارة من الإسلام تجاه لاوس، ومنغوليا، وسيام، وبورما، وكان النشاط الثقافي البوذي عظيم الأثر خلال هذه الفترة في بورما، وكمبوديا، وسيلان، واليابان.