فيها "ياسود هَارَا" العين، أي: أنك على وشك أن تُنقل لعالم الروح حيث تصبح غير مرئية بالعين وذاك كناية عن الموت، فانتهز "أنندا" هذه الفرصة، وأجابه، وهو يرتعد ألا يرى السيد أن يتكلم معها، فأبدى السيد موافقته دون أن يفوه بكلمة.

وفي الكوخ وجدا عجوزًا شمطاء حليقة الرأس ذابلة، عينها كالسراج الذي نضب زيته، خائرة القوى ترتعد، وهتفت لزوجها قائلة قد أطاعت الآمة سيدها، ودخلت النظام منذ أذن لها، والحمل الثقيل الذي حملته أضعه الآن على الأرض، إنه لم يبقَ في نفسي بذر للحياة، وسقطت فاقدة الحياة، قال "أنندا": إنها وصفت حملها إنه ثقيل، هل كان لها أن تتكلم مثل هذا إن كانت قد نالت النجاة؟ وأجابه كانا أحد المريدين إنها ماتت حيث تولد من جديد، وأستأنف بوذا سيره ومعه تلاميذه ومريدوه.

وظهر التعب الإعياء على السيد فخاطب تلاميذه قائلًا: "كل شيء يؤول إلى انحلال، وأنا كذلك أيها التلاميذ قد شِخْتُ، وأوشكت أن أموت جدوا لتحرير أرواحكم بكل ما أوتيتم من الحول، وفي خلال الشهور القادمة سأموت إن أجلي قد حان، وإن حياتي يجب أن تنتهي، وآن لروحي أن تلقي حملها، أيها الرهبان عليكم بالتيقظ والتبصر، لتكن أفكاركم سليمة، راقبوا قلوبكم وصونوا نفوسكم، ولا تغفلوا، لتكن إرادتكم طاهرة قوية، واجتازوا بحر الحياة غير آسفين، ولا متحسرين.

وواصل السيد سيره بين القرى والآجام، وكان "أنندا" قلقًا فقال له السيد: قل ما الذي يختلط في صدرك؟ فأجاب "أنندا" إن السيد يمشي في بلاد غير عامرة ليس بها إلا الأكواخ وأرى ألا يستحسن أن يموت السيد في مكان كهذا، ليكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015