بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس السابع
(الديانة البوذية (1))
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد:
ففي حديثنا عن أديان الهند الكبرى بعد الديانة الهندوسية أو البرهمية يأتي الكلام عن الديانة البوذية والجينية، وقد ذكرت لك من قبل أن البوذية كانت أحد الاتجاهات الفكرية التي نبعت في القرن السادس، وذكرنا كذلك أنها كالجينية سارت في إطار الفكر الهندي في أكثر مبادئه، وذكرنا أيضًا أنها كالجينية كانت رد فعل لعسف البراهمة واستبدادهم مما أثار عليهم الطبقات الأخرى وبخاصة طبقة الكشتيريا حيث الأمراء والمحاربون، فالديانة البوذية والجينية هما حركتان فكريتان متعاصرتان مع الديانة الهندوسية أو البرهمية، وحديثنا الآن عن البوذية من حيث بوذا وحياته ومبادئه وتأسيسه للديانة البوذية.
ويبقى الكلام بعد - إن شاء الله - عن عقيدة البوذية في الإنسان، وحقيقة النفس ما بين الخير والشر ونشأة الرهبنة في البوذية وأصولها وانتقالها إلى المسيحية، إلى غير ذلك مما هو يرتبط بهذه الديانة البوذية لنقف عليها ولنتعرف على ملامحها -بإذن الله تبارك وتعالى- فنقول: البوذية منسوبة إلى بوذا.
من بوذا؟
تعالى بنا نتعرف على مولده ونشأته من حيث المولد والنشأة في الناحية الشرقية من الهند، وبجانب مملكة "كوسالا" بين مدينة "بنارس" وجبال "الهيمالايا" شمال نهر "الكنج" المقدس حيث تقع الآن آجام كثيفة على حدود نيبال، كانت تمتد أرض خصبة مخضرة يانعة، فارعة الأشجار طيبة الخمائل، وكانت هذه الأرض موطن قبيلة "ساكيا" من الطبقة "الكشتيريا".
وكان أمراء القبيلة هم أصحاب السيادة على هذه البقعة، وسلاطينها المسموعي الكلمة النافذي الرأي، وكان "سدودانا" أحد نبلاء هذه القبيلة يقطن قرية تُدعى "كبيلا وافو"، له فيها ضياع فسيحة، وزروع نضرة، وقصور شاهقة، وجاهٌ عريض، وكان متزوجًا من نبيلة اسمها "مايا" يعيش معها في هذا النعيم المقيم، والمجد العظيم.