بصدر رحب، بل ربما عدها لغوًا. وليس ما يتحقق في الأحلام -في الواقع- شيئًا آخر يغاير في طبيعته ما يتحقق في العمل الإبداعي الفني. ويؤكد "جوته" نفسه "أنه كتب أحسن قصصه في أثناء فترة نوم حالمة غريبة يقارنها هو بحالة السائر في أثناء نومه Somnabulist". وإذا نحن بحثنا عن مثل من الكتاب الأحياء فإن بروفيسور "هوسمان" على استعداد لأن يخبرنا عن الطريقة التي كتبت بها أشعاره الخاصة، حيث يقول: إنني أعتقد أن إنتاج الشعر عملية فيها من الانتباه أقل مما فيها من الغفلة اللاإرادية1.

وإذا كان الحلم -في الأعم- يشبه حلم اليقظة في كونه سلسلة من أفكار وصور ليس بينها كبير علاقة2, فالعملية الإبداعية كثيرًا ما تتخذ فيها الرموز نفس الصفات. وكما يقول "ودورث": إن الحالم لا يعمل، وإنما هو يلعب لملء الفراغ، وصوره تأتي -على نطاق واسع- عن طريق التداعي الحر، مع وجود الرغبات الشخصية الموجهة3. وكذلك العمل الفني، فيه من صفة اللعب هذه قدر كبير.

فالعمل الفني تدفع إليه أسباب هي الأسباب التي تدفع إلى الحلم، ويحقق من الرغبات المكبوتة في الشعور ما يحققه الحلم، وهو يتخذ من الرموز والصور ما ينفس عن هذه الرغبات، ويخلق بين هذه الرموز والصور علاقات بعيدة وغريبة في الوقت نفسه, على الأقل بالنسبة للعقل الواعي.

وقديمًا تحدث أرسطو4 عن فكرة التطهير5 "الكاثرسيز"6, ومؤداها أن المسرحيات تعين المتفرجين على أن يتخففوا من مشاعرهم الزائدة، وأن يحققوا رغباتهم المكبوتة. وهذا التخفف وذلك التحقيق هو الذي يحدث في نفس المتفرج المتعة، ويشعره السعادة لا شيء آخر. والذين يعانون الإنتاج الفني يقرون بسهولة أنهم طالما أحسوا بالمتعة أو اللذة أو السعادة بعد أن أتموا إخراج العمل الذي يبدعونه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015