...
الفصل الأول: نظرية الأدب
"إني أعرف إذا لم أسأل، فإذا ما سئلت لم أعرف" سانت أوغسطين1
1- تعريف الأدب:
من حق القارئ أن يتوقع مني هنا أن أبدأ حديثي إليه عن الأدب بأن أقدم إليه تعريفًا لهذا الأدب, وليس هذا حقا فحسب بل هو منطقي كذلك، إذ ينبغي أن نبدأ دائمًا بتحديد ألفاظنا، بأن نعرف الأشياء التي سنتحدث عنها قبل أن نمضي في هذا الحديث.
وليس من الصعب أن أسوق هنا طائفة كبيرة من التعريفات التي يعرف بها الأدب، ولكن ينبغي أن نذكر أنه من الأفضل أن نبدأ حديثنا عن الأدب دون تعريف له، إذ يكفي غرضنا هنا أن تترسب في نفس القارئ بعض الحقائق الخاصة بهذا اللون من النشاط، التي تتصل اتصالًا مباشرًا بجوهر الأدب.
وكل إنسان له حظ من الثقافة يعرف، بصورة أو بأخرى، ما الأدب، وكل ما في الأمر أن ما يعرفه هذا قد يختلف عما يعرفه ذاك، أو يفترق عنه قليلًا أو كثيرًا. ولكن المؤكد أنهم جميعًا يستخدمون كلمة "أدب" استخدامًا متقاربًا -إن لم يكن موحدًا- حين يطلقونها على شيء يقرءونه أو يستمعون إليه.
ولكن هل الأدب حقا هو ذلك الشيء الذي يقرؤه الناس أو يستمعون إليه؟ إن تاريخ كلمة "أدب" في اللغة العربية لا يدل على ارتباط بهذا المعنى.
معنى كلمة أدب:
وكلمة "أدب" Literature في الإنجليزية، وLitterature كذلك في الفرنسية مأخوذة من2Litera، وهي بذلك توحي بالأدب المكتوب أو المطبوع, ولكن ينبغي أن يشمل تعريف الأدب ذلك الأدب الملفوظ كذلك؛ ولهذا كان للفظة "فن الكلمة Wort-kunst" الألمانية، ولفظة Slavesnost الروسية، ميزتهما على نظيرتيهما الإنجليزية والفرنسية3