قلة وكثرة- من عمل اللاشعور عنده، أو يمثل ذلك العمل عن طريق تداعي الأفكار، والروائي الفرنسي "مارسيل بروست"1 في روايته "في البحث عن الزمن الضائع" يعطينا مثالا للاتجاه إلى اللاشعور، فإذا كان "بروست" يحاول أن يستجمع الزمن الضائع فليس ذلك إلا أنه يعتقد أن الماضي دائمًا حاضر في مكان ما من اللاشعور، ولا يحتاج إلا لما يثيره ويخرجه إلى السطح.
هذا الاتجاه يتبلور في وضوح في المذهب "السيريالي"، فالسيريالية2 تعتمد على آلية نفسية صرف، تهدف إلى التعبير -سواء باللغة أو بالكتابة أو بأي طريقة أخرى- عن العمل الحقيقي للاشعور, فهي إملاء اللاشعور، دون وجود أي رقابة للعقل، وبعيدًا كل اهتمام فني أو أخلاقي3.
ويمكن أيضًا تلمس خيوط الاتجاه إلى اللاشعور بتأسيس المذهب "الدادي عز وجلadaism" على يد "تسارا"4 في زيوريخ سنة 1916، ذلك المذهب الذي انتقل إلى فرنسا بواسطة "فيليب سوبر"5. وقد يمكن فهمها بوضوح من الصورة التي عبر بها "سوبر" عن هذا الاتجاه بقوله: "ضع الألفاظ في قبعة، ثم أخرج منها ما يعنّ لك، فبهذا يصنع الشعر الدادي"6.
ومن الجدير هنا بالملاحظة أنه في هذه الفترة التي يحاول فيها الأدب ارتياد اللاشعور والتعبير الآلي التلقائي عن مكنونه, في هذه الفترة كانت فلسفة "برجسون"7 الخاصة بالحدس المباشر8 intuition من حيث هو أساس الإبداع الفني، ونظريات "فرويد"9 النفسية التحليلية الخاصة باللاشعور، كانت قد لقيت رواجًا عظيمًا.