الادب النبوي (صفحة 164)

الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما» . (واحدتها صحفة وهي إناء يشبع الخمسة) ، «فإنها لهم في الدنيا. ولكم في الآخرة» ، رواه الشيخان (?) وغيرهما؛ ومنها حديث أم سلمة عند الشيخين أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر- يصب- في بطنه نار جهنم» (?) . وفي رواية لمسلم «إن الذي يأكل أو يشرب في إناء الذهب أو الفضة ... » (?) إلخ.

من أجل ذلك ذهب الفقهاء إلى تحريم الأكل والشرب في أواني الذهب والفضة. لا فرق في ذلك بين الرجال والنساء. إنما لهن التحلي بهما تزيّنا وتجمّلا، وليس الشرب والأكل من واديه، وذهب داود إلى تحريم الشرب فقط. ولعله لم يبلغه حديث تحريم الأكل أو لم يثبت ذلك عنده، وقال جماعة بالكراهة دون التحريم، وقالوا: إن الأحاديث لمجرد التزهيد. ورد ذلك بالوعيد عليه في حديث أم سلمة المذكور، وشذت طائفة، فقالت بالإباحة مطلقا. والنص حجة عليهم، وألحق جماعة من الفقهاء أنواع الاستعمال الآخرى كالتطيب والتكحل بالأكل والشرب ولم يسلم بذلك المحققون، وفي حديث رواه أحمد وأبو داود: «عليكم بالفضة فالعبوا بها لعبا» (?) ، وجمهور الفقهاء على منع اتخاذ الأواني منهما بدون استعمال؛ ورخصت فيه طائفة، والفقهاء على جواز اتخاذ الأواني من الجواهر النفيسة وإن كانت أعلى قيمة من الذهب والفضة. ومنع ذلك بعضهم، ولا تنس في هذا الباب قاعدة أن الأصل في الأشياء الحل لقوله تعالى: خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً (?) ، فلا تحريم إلا بدليل، والذي نراه في حكمة التحريم أن ذلك مظنة الإسراف والخيلاء،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015