وبخاصة إذا كان هؤلاء الآخرون لا يؤمنون بدين، ولا يقفون حيث أوجب الله على عباده أن يقفوا، ولا يقول: إن الأدب لا دين له، وأنه ينبغي النأي به عن الدين وقيمه، ذلك أنه لا يمكن أن يعتقد الإنسان عقيدة معينة، ويتمسك بقيم معينة، ثم إذا أبدع أدبًا نسي عقيدته وقيمه بحجة أن الأدب شيء والدين والأخلاق شيء آخر!!
ولقد كان الأدب العربي في عصور ازدهار الحضارة الإسلامية مصدر إشعاع وتأثير، إذ كان أدبًا قويًّا مفعمًا بالحيوية، مثلما كان العرب والمسلمون آنئذٍ مفعمين بالقوة والحيوية، ومعروف أن الأدب يعكس صورة أصحابه كما أن أصحابه يضفون عليه ما يتمتعون به من أهمية واحترام، ومن إبداعات العرب في ذلك الوقت مما تأثرت به الآداب الأوربية كتاب (كليلة ودمنة)، الذي كان بابًا من أبواب الإلهام للأديب الفرنسي "لافونتين" في خرافاته، تلك القصص التي جعل "لافونتين" أبطالها من عالم الحيوان، وضمنها ما يريد نشره بين الناشئة من قيم ومبادئ ونصائح ومعارف، وكذلك (ألف ليلة وليلة)، التي فتنت أهل الغرب فتنة ما بعدها فتنة، وكانت مهلمة لروائي أمريكا اللاتينية في إبداعاتهم الواقعية السحرية، وأيضًا (رسالة الغفران) لأبي العلاء المعري، ورسالة (حي بن يقظان) لابن طفيل، التي يرى بعض الدارسين أن "دانيل ديفو" الصحفي والسياسي الإنجليزي قد استوحاها ضمن ما استوحاه في كتابة روايته المشهورة "روبنسون كروزو"، وهناك أيضًا الموشحات الأندلسية، التي أثرت أقوى تأثير في شعر الشعراء التروبادور، وكذلك المقامات التي استلهمها مبدعو روايات الشطار في الآداب الأوربية إلى آخره.
والسلام عليكم ورحمة الله.