قليلة، رغم ما يوحدنا معه، ومع كل البشر من الملامح الإنسانية المشتركة بين الشعوب والأمم الأخرى.
ذلك أن هذه الاختلافات هي التي تشكل هويتنا وذاتيتنا، ونحن حين نقول ذلك لا نقوله على سبيل الشغب والمكابرة والرغبة في المخالفة، بل نقول ما يعرفه الغرب ذاته، ويحرص عليه أشد الحرص حين يكون الأمر متعلقًا به، وبهويته الحضارية والثقافية، لكنه بالنسبة لنا لا يريدنا أن نتذكره فضلًا عن أن نتمسك به ونناضل من دونه، وثم كتاب للمرحوم أنور الجندي عنوانه (خصائص الأدب العربي في مواجهة نظريات النقد الأدبي الحديث)، عمل فيه كل ما بوسعه؛ كي يستفزنا إلى البحث عما يغني أدبنا، ويحافظ على أصالته وقيمه الخيرة، وينفي عنه أوضار التقليد الضار، الذي يضيع معالمه ويفسدها ويحمله ما لا نرضاه له من مضامين مؤذية، تتنافَى وقيمنا الإسلامية الكريمة.
وهنا يأتي دور التراث إذ هو الخزانة التي نعول عليها في صد ما يتنافى وقيمنا الخيرة، مما يفد علينا من الآداب والثقافات الأخرى، ولكن قبل أن نلجأ إلى مخزوننا التراثي هذا، علينا أيضًا واجب جد هام، ألا وهو النظر في هذا التراث، وموقفنا في هذا السياق هو وجوب وضع هذا التراث في كل عصوره تحت المجهر، فما كان في مضامينه متفقًا مع قيم الخير والجمال والحق قبلناه، وما لم يكن قلنا فيه رأينا بمنتهى الصراحة، واستنكرنا ما تضمنه من قيم الزيف والتشويه والأذى، على أن يكون مرجعنا في هذا هو الإسلام وقيمه ومبادئه، وليس معنى ذلك أننا ننادي بتحويل الأدب العربي إلى مواعظ ونشرات دينية، بل معناه أن نترك للأديب الحرية كاملة داخل ذلك النظام القيمي الإسلامي، فلا يناقضه ولا ينقضه، وهو حر بعد هذا يتناول من الموضوعات ما يشاء على النحو الفني الذي يشاء، أي: أننا في الوقت الذي لا نوجب على الأديب مثلًا أن يأمر الناس