الشعر الغنائي

وهنا نصل إلى الشعر الغنائي فلنبحث الآن الصلة بين الأدب العربي وغيره من الأدباء من ناحية التأثير والتأثر في هذا الميدان، فنرى مثلا أن عدد البحور الشعرية التي كان ينظم عليها الإيرانيين القدماء قصائدهم كان محدودًا؛ إذ لم تكن تزيد عن بضعة أبحر تشبه بحور الهزج والرجز والمتقارب والدوبيت العربية، إلا أن الأمر اختلف بعد الإسلام وانتشار لغة القرآن وآدابها في بلادهم، فقد رأيناهم ينقلون جميع الأوزان العربية إلى أشعارهم، مع اختلاف مساحة انتشار كل منها هنا عنها هناك، فعلى حين يشيع في الشعر الفارسي بحور الهزج والرمل والخفيف والمتقارب نرى الطويل والكامل والوافر والسريع والبسيط والمتقارب أشيع البحور في شعر العرب، وهناك القافية أيضًا، وقد أخذها الشعر الفارسي من نظيره العربي، كما أن كثيرا من الألفاظ والصور البيانية قد انتقلت من الشعر العربي إلى الفارسي، وكان هناك رأي يقول بأن الشعراء الفرس القدامى لم يكونوا يعرفون الأوزان في نظم قصائدهم، بل كانوا ينظمونها مطلقة من الأوزان والتفاعيل، ثم نقلوا هذا عن العرب بعد الإسلام، إلا أنه ثبت أن الأمر خلاف ذلك وأنهم كانوا يعرفون بعض الأبحر - حسبما يقول الدكتور محمد غانم هلال في كتابه (الأدب المقارن).

وعلى الناحية الأخرى، فإن بعض الشعراء العرب القدماء يدخلون في أشعارهم ألفاظًا فارسية كقول أحدهم:

وولهني وقع الأسنة والقنا ... وكافر كوبات لها عجر قُفد

بأيدي رجال ما كلامي كلامهم ... يسومونني مردًا وما أنا والمرد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015