وليلة، إلا أن ألف ليلة وليلة بتقاليدها القصصية الشفهية التي تناقلتها الأجيال واحتفاظها بصورة مميزة للحياة العربية ورموزها الحضارية عبر العصور خصوصا للعصر المملوكي- تؤكد براعة المخيلة العربية واستمرارية التقليد الشفهي القصصي، إلى أن تم تدوينها.

والملاحظ أن الكلام عن هذا الكتاب في التراث العربي شحيح غاية الشحة؛ حتى إننا لا نجد حديثًا عنه تقريبًا إلا في كتابين اثنين هما (مروج الذهب) للمسعودي و (الفهرس) لابن النديم، والنصان قصيران نسبيّا، وإن كان نص المسعودي أقصر كثيرًا من نص ابن النديم، ولا يشفي غليلًا.

فأما في (مروج الذهب) فيقول المسعودي: إنه قد ذكر كثير من الناس أن هذه أخبار موضوعة من خرافات مصنوعة، نظمها من تقرب للملوك بروايتها وصال على أهل عصره بحفظها والمذاكرة بها، وأن سبيلها الكتب المنقولة إلينا والمترجمة لنا من الفارسية والهندية والرومية وسبيل تأليفها مما ذكرنا مثل كتاب (هازار أفسانه) وتفسير ذلك من الفارسية إلى العربية ألف خرافة، والخرافة بالفارسية يقال لها أفسانه، والناس يسمون هذا الكتاب ألف ليلة وليلة، وهو خبر الملك والوزير وابنته وجاريتها وهما شيرزاد ودنيا زاد ومثل كتاب (فارزه وسيماس) وما فيه من أخبار ملوك الهند والوزراء، ومثل كتاب (السندباد) وغيرها من الكتب في هذا المعنى.

وأما في كتاب ابن النديم فنقرأ تحت عنوان "الفن الأول في أخبار المسامرين والمخرفين وأسماء الكتب المصنفة في الأسمار": أن أول من صنف الخرافات وجعل لها كتبا وأودعها الخزائن وجعل بعض ذلك على ألسنة الحيوان الفرس الأُول، ثم أغرق في ذلك ملوك الأشغانية وهم الطبقة الثالثة من ملوك الفرس ثم زاد ذلك واتسع في أيام ملوك الساسانية، ونقلته العرب إلى اللغة العربية،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015