بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثاني والعشرون
(الصلة بين الأدب العربي والآداب الأخرى)
الصلة بين الأدب العربي والآداب الأخرى:
وسوف نستعرض هذه الصلات من خلال الأجناس الأدبية المختلفة، ونبدأ بجنس الملحمة، والملحمة كما يعرفها كاتب المادة المخصصة لإبك بُئتري في موسوعة الويكيبيديا: هي قصيدة قصصية شديدة الطول تدور عادة حول أعمال بطولية ووقائع ذات دلالة لأمة من الأمم أو ثقافة من الثقافات، ويفرق الكاتب بين نوعين من الملاحم؛ النوع القديم كـ"ملحمة الجامش السومرية" و"ملحمة الإلياذة" لهوميروس الإغريقي، والنوع الأحدث أو الثانوي مثل "الإنيادة" لفريجل الروماني و"الفردوس المفقود" لجون ميلتون الإنجليزي، وهذا الأخير هو من إبداع أدباء كبار معروفين، استعملوا له لغة أدبية راقية، ونسجوه عامدين على منوال تلك الملاحم القديمة التي كانت في الأصل شفوية غير مكتوبة، وإن كان قد تم تسجيلها كتابة بعد ذلك، ووصلت من ثمّ على هذا النحو إلينا.
والسؤال الآن: هل في أدبنا العربي ملاحم كتلك التي يعرفها كثير من الآداب الأخرى؟
فأما في الأدب الفصيح القديم فلا يوجد شيء يمكن أن يقال عنه إنه ملحمة أو يشبه الملحمة بالمعنى الذي عرفناه هنا، وقد أشاد ابن الأثير من أهل القرنين السادس والسابع الهجريين في كتابه (المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر) بما يوجد في آداب الفرس من القصائد الطويلة التي تبلغ الواحدة منها عدة آلاف من الأبيات كـ"الشهنامة" وما إلى إليها فكان رد صلاح الدين الصفدي من أهل القرن الثامن الهجري في كتابه (نصرة الثائر على المثل السائر) هو التذكير بما في أدبنا من منظومات وقصص طويلة.
ومن الواضح أنه ظن المسألة في الطول وحده، وإلا فإن الأمثلة التي ضربها على ما في بعضها من إبداع أدبي جميل ورائع- ليست من سبيل الملحمة في