ولم يكن ظهور الرمزية في أدبنا خاضعًا لنفس الظروف التي نشأت في كنفها الرمزية في الأدب الغربي.
ومن مظاهر الرمزية عند جبران خليل جبران قصيدته "المواكب" التي اعتمدتفي بعض صورها على تراسل الحواس كما في قوله:
هل تحممت بعطر
وتنشفت بنور
وشربت الفجر خمرًا في كؤوس من أثير
وفيه أخذ الحس النفسي للاستحمام مكان الحس الشمي العطر، والحس البصري النور مكان الحس اللمسي التنشف، والحس الذوقي الشرب مكان الحس البصري.
ومن هذا القبيل أيضًا قول الشاعر الجارم:
أسوان تعرف إذا اختلط الدجى
بالنبرة السوداء في أناته
فقد وصف النبرة وهي صوت بالسواد وهو لون. ولا شك أن وصف النبرة بالسواد في هذا المقام أقدر عن الإيحاء بالجو النفسي الذي يحسه الشاعر ويريد أن ينقله إلينا، وفي تبادل الحواس لصفاتها ما قد يساعد كثيرا على نقل أثر نفسي. ومن ذلك أيضًا قصيدة مرسلة للأستاذ ألبير أديب بعنوان "حياتنا" يقول فيها:
حياتنا شباب وفكر أخضر
وعواطف من عمل الربيع
وقلوب من ندى الفجر
نجمعها ونغسل بها أرض الأزقة