وتلح الرومانسية على حرية الفرد، ولا تؤيد الأعراف الاجتماعية المقيدة ولا الحكم السياسي المستبد الظالم، وفي مجال الأدب يكون البطل الرومانسي عادة رجلا ثائرا وإذبان الحركة الرومانية لم يكن أغلب الكتاب راضين عن عالمهم؛ حيث كان يبدو لهم عالمًا تجاريًّا جامدًا وغير إنساني، وللهروب من الحياة الحديثة حوّل الرومانسيون اهتمامهم إلى أماكن بعيدة وخيالية، فاتجهوا نحو القرون الوسطى وإلى الفنون الشعبية والأساطير وإلى الطبيعة وعامة الناس، ويظهر في أعمال الشاعر الإنجليزي ويليم ويلز ويرث الكثير من السمات الرومانسية البحتة؛ إذ كان يفضل الذهن الخالي المستغرق في التأمل على البحث الدءوب عن المعرفة العلمية، وكان يرى أن الإنسان يتعلم من اندماجه مع الطبيعة أو الحديث مع أهل الريف أكثر مما يتعلم من قراءة الكتب، وكان يرى أيضًا أن الانسجام مع الطبيعة مصدر الفضيلة والحقيقة.
إن الرومانسية ذلك المذهب الأدبي الذي أخذ يظهر في أوروبا بعد قرن ونصف من ظهور الكلاسيكية، ولم تكن الرومانسية في الواقع ثورة على الآداب الإغريقية واللاتينية والكلاسيكية فحسب، بل كانت كذلك ثورة على جميع القيود الفنية المتوارثة التي حدّت من التطور الأدبي وحيويته، كانت ترمي إلى التخلص من كل الأصول والقيود التي أثقلت الأدب الكلاسيكي؛ لتطلق العبقرية البشرية على سجيتها دون ضابط لها سوى هدي السليقة وإحساس الطبع، وهناك قصيدة للشاعر الفرنسي ألفريد ديموسيه أجمع النفاد على أنها من روائع الرومانسية وعنوانها (ليلة أكتوبر) وتجري على صورة حوار بينها وبين ربة الشعر حول تجربة حقيقية عاشها الشاعر بكل أبعادها في حبه للكاتبة الفرنسية جورج صاند التي سافر معها إلى مدينة البندقية بإيطاليا؛ حيث سقط مريضًا