أحيانًا البعد شاسعًا بين الكاتب والأدب الذي اقتبس منه، في الزمن والبلد والموضوع، فقد اقتبس الكاتب البلجيكي "مترنك" في مسرحيته التي ظهرت عام ألف وثمانمائة واثنين وتسعين واسمها "بلياس وميليزان" من الشاعر الفارسي الفردوسي في "الشاهنامه" التي يرجع تأليفها إلى أواخر القرن العاشر وأوائل القرن الحادي عشر الميلاديين.
وإليكم مثلين من "الشاهنامه" استعارهما الكاتب البلجيكي لمسرحيته المشار إليها، ففي المثال الأول يذكر الفردوسي كيف بكر القائد "لياتوس" مرحًا إلى الصيد على صياح الديكة في جمع من رفقته، فلما توغلوا في الغابة بصروا بفتاة فاتنة الخدين رائعة الجمال في طلعة كالبدر، وقامة كشجر السرو فتوجه "لياتوس: قائلًا: أنت يا ذا الطلعة الفاتنة، لماذا جئت هذه الغابة؟ فأجابت: قد ضربني البارحة أبي، فهربت هائمة على وجهه كانت قد عاد ثملًا في جنح الظلام، من حفلة عرس، فما إن رآني حتى علاه الغضب فأخرج خنجرًا ماضيا يريد به أن يفصل رأسي من جسدي، ثم تشرح كيف هرب من مال كثير، وبتاج من ذهب أخذه منها الحرس بعد أن ضربوها بقراب السيف.
وفي المثال الثاني يذكر الفردوسي أن "ذال" البطل ذا الشعور الفضية التي ربته العنقاء فوق ذروة الجل كان يحب "روات بي" وهي الفتاة ذات المحيَّا السحري، وذات يوم قد ذهب إلى قصرها ولم يكن قد رآها من قبل وظهرت "روات بى" ذات العيون السوداء، والخدود الوردية في شرفة من شرفات القصر وقف تحتها ذال فأضاءت بطلعتها الشرفات كلها، وبدت الأرض مثل ياقوتة تحت إشعاع خديها، ثم حلت