وهي إغريقية الأصل، مصرية المولد والمنشأ، وكَانت رئيسة جامعة الإسكندرية القديمة، ومثال الكمال في جمالها وعلمها وخلقها، حتى ليقول عنها الفيلسوف "ددرو": إن الطبيعة لم تهب إنسانًا من العقل والحكمة والخلق ما وهبته لتلك الفتاة".

وكان موضوع "هيباتيا" منذ القديم مثارًا لدى المفكرين والمؤرخين ورجال الدين، ولكنه دخل ميدان الأدب للبحث منذ القرن الثامن عشر على يد "ددرو" و"فولتير" في فرنسا و"تولن" في إنجلترا، وقد ظفرت "هيباتيا" بتلك الحظوة لدى الأدباء على اختلاف نزعاتهم؛ لما كانت عليه من كمال الخلق، ونصيبها البشع على يد المسيحيين، ثم لعصرها التي عاشت فيه ذلك العصر الحافل بتلك المتناقضات.

لهذه الأسباب مجتمعة شتغلت "هيباتيا" المُفكرين والأدباء حتى القرن العشرين، وقد اختلفت ميول هؤلاء الكتاب في معالجة موضوعها، تبعًا لاختلاف طبائع الشعوب التي ينتمون إليها، ثم استجابتة منهم لنزعاتهم وميولهم الخاصة، فمنهم من حمل على رجال المسيحية، دون أن يحمل على المسيحية نفسها، بل فضلها على الفلسفية "الهيلينية" ونحا أكثر الكتاب غير هذا المنحى، فأثاروا مشكلات الدين، وصراعهم مع الفلسفة والعقل، وانتصروا للفلسفية اليونانية والهندية ضد المسيحية.

وقد رمى هؤلاء الكتاب جميعًا على اختلاف ميولهم ونزعاتهم إلى غاية واحدة هي: "البحث عن طريق تحرير الإنسانية وسعادتها، ونشر عدالة بين جميع أفرادها، مما تهدف إليه دائمًا ولا تصل إليه".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015