معاصريه، ثُمّ يسوقه القدر أخيرًا إلى أن يلقى ابنه "صهرف" على غير علم منه في مبارزة حربية بينهما، وقد صور الفردوسي هذه المبارزة تصويرًا رائعًا.
ومن أبرز الشخصيات التي لقيت حظًّا فريدًا في الأدب شخصية "دونجوان" وقد مثلت اتجاهات مختلفة من حب طائش، إلى انصراف لمتع الحياة إلى قلق، ويطيل بنا الكلام لو فصلنا الكلام في ذلك، بل يضيق نطاق كلامنا عن سرد كل المسرحيات والقصص والأشعار التي كتبت عنه في مختلف الآداب الأوربية.
وقد كان دنجوان شقيًّا، يرجع شقاؤه إلى أنه جمع كثيرًا من الصفات التي يحسد عليها بوصفه رجلًا، وبها اندفع في طريق الشهوات، ولكنه كان يحتقر هذه الشهوات، ولا يجد سعادته في الانغماس فيها، فهو حائر لا يقر على قرار ولا يرضى عن نفسه.
وأما "موليير" فيصور "دونجوان" خداعًا للنساء؛ لكنه مع ذلك يحب الخير ويتصدق على الناس بالرغم من سخريته من المجتمع، وأما "جولدوني" فإن بطله داعر مستهتر لا يقيم للأخلاق وزنًا، ويرقى "بايون" بقيمة ذلك البطل، ويجعله حامل فلسفة؛ فهو ضد رياء المجتمع وتقاليده الظالمة، وداعية إلى الحب البريء الطليق. وهكذا تطور الموضوع تبعًا لاتجاهات الكتاب الذين عالجوه، وتبعًا لفلسفتهم في الحياة وميولهم الخلقية، والنزعات السائدة في عصرهم، ويسهل تأويل هذه الشخصيات مأخوذ من أساطير شعبية.
وإلى جانب ما مر عندنا أن النماذج المأخوذة عن شخصيات تاريخية، وذلك حين تدخل نطاق الأدب على يد العباقرة؛ فتصبح قوالب أفكار عامة اجتماعية وفلسفية، ونُشير هُنا مثلًا إلى شخصية ليلى وشخصية المجنون في الأدبين العربي والفارسي.