والمكتوب، وهذه القراءة تؤيد "أوديب" في أن "أبولون" هو المسئول الحقيقي عن كل ما جرى، وهي قراءة تروق للجبريين.
ولكن المؤمنين بحرية الإنسان -أي: الذين يحاولون أن يجعلوا من الإنسان كائنًا مسئولًا عن أفعاله، لا مجرد ضحية الآلهة- يقولون: إن "أوديب" فعل كل شيء بمحض إرادته، وإنّ علم الآلهة المسبق بمصيره هو من صفات الآلهة التي يسعى معها كل شيء، وليس العلم بالغيب تسييرًا للأحداث، ويمثلون عن ذلك بالطبيب الذي يؤهله عمله لأن يتنبأ بأن مريضًا من مرضاه سوف يموت بعد مدة معينة؛ فالطبيب لا يميت المريض مع علمه المسبق بالنتيجة.
وواضح ما ينطوي عليه الموقف في هذه المسرحية من الأفكار والقضايا الفلسفية، فهي تبحث في الأخطار التي تواجه المرء في رحلته الطويلة على طريق البحث عن الذات، وتبحث في مشاعر الذنب والبراءة، وتكشف عن طبيعة القَدَر، ويقول النقاد: إنه ليس بمسرحية أخرى درست بشكل أفضل العلاقة ما بين الشخصية الفرد وقدره؛ فحرص "أوديب" على البحث عن الذات، وثقته التي لا تعرف الحدود بنفسه وسرعة غضبه، وكلها خصائص تتميز به شخصيته هي السبب وراء المواجهة مع قدره، وهي الحافز في تحقق النبوءات.
وبعضهم يرى أنّ قصة "أوديب" أصلها عربي شامي، وأنها هي نفسها حكاية شيخ العرب الموجودة في الكتاب الثاني من الحكايات الشعبية الشامية، انظر في هذا الدرس مادة "أوديب" في كل من "اليوكيبيديا" والموسوعة العربية السورية، ومقال الملك "أوديب" و"رحلة البحث عن الذات" الدكتور زياد الحكيم في موقع موسوعة "دهشة" ومقال "أوديب الملك أشهر مسرحيات أصلها حكاية عربية" لنزار أسود وهو منشور بجريدة شرفات.
والسلام عليكم ورحمة الله.