والواقعُ أنّ في المَسرحية أشياءَ يغْلبُ على الظن أن تكون مستقاة من القرآن، على أن يتبين أن اتصال "جوته" بالقرآن والإسلام قد تم من ذلك الوقت على الأقل، بيد أن هذا لا يعني أن المسرحية لم تتأثر بالكتاب المقدس والنصرانية، إذ إن تأثيراتهما فيها واضحة قوية.

ثم يرى المشاهد "فاوس" وهو في غرفة الدراسة في الليل البهيج يتساءل عن جدوى الحياة، ما دامت العلوم التقليدية من فلسفة وحقوق وطب ولاهوت لم تعد قادرة على أن تقدم له شيئًا، ولم يعد يجد في غير السحر ما يجعله قادرًا على الولوج إلى أسرار الكون، ثم يستدعي بالسحر عفريتًا قسمًا؛ ولكنه لا يشفي غليله، فيفكر في التخلص من كل ذلك الهم ووضع السم في الفنجان لينتحر؛ إلا أنه يسمع أجراس الكنائس تدق، وترتيل الأغاني التي تتحدث عن قيام السيد المسيح، فيرجع عن محاولة الانتحار، ويخرج إلى الطبيب حيث يحييه كل من يلقاه باحترام وإجلال لأنه في شابه استطاع أن يتوصل إلى علاج لوباء الطاعون، الذي كاد أن يقضي على المدينة بأكملها.

ثم يرى "فاوس" الشمس وهي تغرب؛ فيعود من جديد للشوق إلى ما وراء الطبيعة، ويقول لنفسه: إن هناك روحين في صدره، كل منها تريد الانفصال عن الأخرى، وفي طريق العودة إلى غرفته يتبعه كلب أسود مثير للريبة، وفي الغُرفة يسعى "فاوست" لترجمة بداية إنجيل يوحنا إلى اللغة الألمانية التي يذوب عشقًا فيها، ولكنه يتوقف عند الكلمة اليونانية "لوجست" التي تعني الكلمة، ولكنه لا يجدها مناسبة فيستبدلها بكلمة الفعل. وبذلك يترجم بداية الإنجيل: "الباعث في البدء كان الفعل" بدلًا من الترجمة المعتادة: "في البدء كان الكلمة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015