ويستطيع المقارن الأدبي أن يدرس تصوير الأدباء لهذه النماذج الاجتماعية والإنسانية عن طريق تتبعه للصفات المشتركة التي رأوها في هذه الشخصيات، ومدى تأثر بعضهم ببعض، واختلاف بعضهم عن بعض، فمن ذلك مثلًا:

شخصية الفلاح التي تناولها عدد كبير من الأدباء، وصوروا حياته وآلامه ومعاناته، وقد لاحظ بعض الدارسين أن عددًا من الأدباء المصريين والعرب قد تأثروا بالأدب الروسي في تصوير الفلاح المصري.

كذلك من الممكن أن ندرس جوانب التأثر والتأثير بين الكتاب الذين تناولوا شخصية البغي، فبعضهم عد المومس امرأة فاضلة، بل قدمها في صورة ملاك يساعد ويعطي دون انتظار أية مكافأة، مما لا يفعله كثير ممن يتشدقون بالتدين أو بالأخلاق الفاضلة.

ولعل خير مثال على ذلك مسرحية "غادة الكاميليا" لـ"أكسندر دوماس"، وكذلك شخصية نور في رواية نجيب محفوظ (اللص والكلاب)، ولولا في روايته الأخرى (السمان والخريف)، وقد صور بعض الكتاب المومس في صورة ضحية مغلوبة على أمرها، فلا ذنب لها في سقوطها، بل المسئول عن ذلك المجتمع، الذي دفعها إلى الرذيلة دفعًا، وبعض ثالث عدها آفة اجتماعية لا سبيل إلى إصلاحها، وخطرًا داهمًا على المجتمع الذي تعيش فيه، ومما لا شك فيه أن مسرحية "غادة الكاميليا" كان لها أثر كبير على الكتاب العرب، الذين تناولوا شخصية المومس الفاضلة، ويعد نجيب حداد من الكتاب الذين قلدوا غادة الكاميليا في روايته "إيفون منار أو حواء الجديدة"، التي تأخذ على عاتقها رد اعتبار العاهرة، وتأثر بها بأفكار كل من "رومان رولا" و"ألكسندر دوماس" وغيرهما من الأدباء الفرنسيين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015