وهناك كتاب مفكرون أوروبيون غير قليلين تأثروا بترجمة "بيكوك" لرواية (حي بن يقظان) منهم "جون وردس" و"روبرت داركلي" و"كارل ماركس" وطائفة "الكويكرس" المعروفة وآخرون، وفي عام ألف وسبعمائة وواحد وعشرين، ظَهر في أمريكا كتاب (ذا كريشتن كروسفر) للكاتب والقسيس الأمريكي البيروتاني "كوتوننيسس" الذي لم يمنعه وسمه المسلمين بالكفر من استيحاء رواية (حي بن يقظان) في كتابه هذا، ولا من الاعتراف بتأثيره عليه ناظرًا إلى حي بطل الرواية بوصفه نموذجًا للفيلسوف النصراني المثالي، ومحاولًا من خلاله فهم نفسية سكان أمريكا الأصليين الهنود الحمر؛ بغية تحويلهم إلى مذهبه "البرويتاني".
وكما نرى فإنّ مَادة (حي بن يقظان) في النسخة الإنجليزية من "اليوكوبيديا" تُؤكِّد أن تأثير رواية ابن الطفيل على الآداب الأوربية تأثير واسع وعميق، وعند هذه النقطة نحب أن نتوقف بشيء من التفصيل إيذاء قضية الصلة بين تلك الرواية وبين رواية (ديفو روبينسون كروزو).
ولكن علينا أولًا أن نتعرف إلى "روبنسن كروزو" مثلما تعرفنا إلى (حي بن يقظان)، وسوف يكون اعتمادنا على ما جاء المادة الخاصة بتلك الرواية في موسوعة "اليوكوبيديا".
فنقول: إن (روبنسون كروزو) قصة كتبها "دانيال ديفو" ونشرها لأول مرة عام ألف وسبعمائة وتسعة عشر، وهي تحكي قصة شاب عاش في جزيرة من الجزر وحيدًا لمدة طويلة دون أن يقابل أحدًا من البشر، ثم بعد عدة سنوات التقى بأحد المتوحشين؛ فعلمه بعض ما وصل إليه الإنسان المتحضر من تقدم فكري، واتخذه خادمًا له، ثم يعود في نهاية القصة مصطحبًا خادمه إلى أوربا حيث العالم المتحضر.
وتبدأ القصة بمغادرة "كروزو" إنجلترا في رحلة بحرية في سبتمبر عام ألف وستمائة وواحد وخمسين، مخالفًا رغبات والديه، ويسطوا القراصنة على السفينة ويصبح