الدارسين للافونتين أن لافونتين في حياته الخاصة كان بعيدًا عن حب الأطفال والعناية بهم حتى طفله الوحيد لم يكن موضع اهتمامه، فالرغبة إذن في كتاب الأطفال خاصة لم تكن الهدف الأول للافونتين، بقدر ما كانت هدفًا لشوقي، الذي يؤكد لنا تاريخ حياته وسائر شعره حبه للأطفال بعامة وأطفاله بخاصة، وانشغاله بمستقبلهم وأطفال الفقراء منهم، وحرصه على تثقيفهم لا في الخرافات المنظومة فحسب، وإنما في قصائد ومقطعات من شعره.
وازداد اهتمام شوقي بنظم الخرافات بعد أن جرب بنفسه تأثيرها على أحداث المصريين، كما قال في المقدمة السابقة، فأخذ يتابع نظمها، ولكنه لم يعنى بجمعها في ديوان خاص كما فعل لافونتين، بل نشر عددًا منها في حياته في الطبعة الأولى من (الشوقيات)، وأعاد نشرها في الطبعة الثانية، ولكن الطبعات التالية للشوقيات أهملت نشر الخرافات؛ حتى كادت تتعرض للضياع لولا أن تدارك محمد سعيد العريان الذي قام بتحقيق ونشر الجزء الرابع من (الشوقيات) سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة وألف، فأفرد لها بابًا في هذا الديوان، بعنوان: الحكايات، جمع فيه ما تفرق من خرافات شوقي إلى جانب ما نشر منها في طبعة (الشوقيات) الأولى، وعدد هذه الخرافات أو كما سماها الحكايات خمس وخمسون حكاية، تقع في تسعة وسبعمائة بيت، وصل هذا العدد إلى ست وخمسين حكاية في الطبعة الثانية للجزء الرابع من الشوقيات، التي صدر سنة ألف وتسعمائة وإحدى وخمسين، وتقع في ثلاثين وسبعمائة بيت.
وفي سنة إحدى وستين وتسعمائة وألف عثر محمد صبري السربوني على حكايات أخرى لشوقي، فنشرها في كتابه (الشوقيات المنشودة)، الذي ضم فيه آثار شوقي التي لم يسبق نشرها، وعلى الرغم من هذا الإهمال الذي تعرضت له حكايات شوقي، فإنها قد شاعت قبل أن تجمع في الجزء الرابع من (الشوقيات)