والمعنى الرمزي في تلك القصة هو أن الناس قد يتظاهرون بأن الأشياء، التي لا يمكنهم الحصول عليها ليست بذات قيمة، ومن ثَم فهم لا يبالون بها أو بتملكها، وقد عاش يعسوب أو إيسوب قبل الميلاد بعدة قرون، ويقال: إنه ليس له وجود حقيقي، بل الإغريق هم الذين اخترعوه وامتازت شخصيته بما لها من سرعة بديعة، وقدرة عقلية فذة، وحكمة تنساب على لسانها.

وقد زودت حكايات يعسوب بتعبيرات شهيرة كثيرة، وعلى سبيل المثال فإن العدو الذي يتظاهر بأنه صديق يسمى ذئبًا في ثياب حَمَل، وقد نشأ هذا التعبير من قصة يتنكر فيها ذئب في جلد حمل، ثم يتحرك دون أن يُكتشف وسط قطيع من الخراف، ويقتلها ليأكلها، ومن ناحية أخرى فإن الراعي يحسبه حملًا فيذبحه للعشاء.

ولسنين كثيرة كانت حكايات يعسوب تروى بالتواتر من جيل لآخر، وفي حوالي عام ثلاثمائة قبل الميلاد قام سياسي أثيني اسمه ديمتريوس فاليروس، بجمع حوالي المائتين منها في مجموعة أسماها (تجميعات حكايات يعسوب)، وقد ترجم هذه المجموعة اللاتينية بعد حوالي ثلاثمائة سنة عبد إغريقي عتيق يسمى فيدروس، وفي نحو عام مائتين وثلاثين ميلادية قام الكاتب الإغريقي فاليروس بابليوس بضم حكايات يعسوب إلى بعض الحكايات الهندية، وترجمها شعرًا إغريقيًّا، ومن ذلك الحين عاد كتاب آخرون رواية الحكايات وزادوا من معانيها، إلا أن الحكايات لم تفقد مطلقًا بساطتها وجاذبيتها الأصليين.

وقد وضعت كل الشعوب القديمة تقريبًا حكايات شعبية فيها شخصيات لحيوانات ذات صفات آدمية، فالثعلب مثلًا كان يصور على أنه ماكر، والبومة على أنها عاقلة في بعض الثقافات، ونذير شؤم في ثقافات أخرى، وبمرور الوقت بدأ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015