وثوقها من خبر عودة زوجيها ديزيه، واختلطت الرغبة في الحب المدنس لديه بالشوق للموت، أما زهرة فلقد كانت عصا صلبةً جافةً لا تنكسر، مما يتنافَى مع الطبع، ومع رقاد الثورة والسعار أحيانًا.

وفي موضع رابع من ذات الكتاب يقارن ناقدنا بين شخصية (العباسة)، في مسرحية أباظة المسماة بهذا الاسم، وبين شخصية كليوباترا في مسرحية شكسبير وبرناردشو عن تلك الملكة المصرية، إذ كان هارون الرشيد أخو العباسة قد زوجها فيما تقول بعض الروايات إلى جعفر بن يحيى البرمكي زواجًا صوريًّا؛ كي يحل لهما أن يجالسه الاثنان معًا دون تحرج، فقد كان يحب كُلًّا منهما حبًّا جمًّا، ويريد دائمًا أن يأتنس بهما معًا على ألا يمس جعفر العباسةَ كما يمس الزوج زوجته.

يقول الكاتب: وصراع (العباسة) الحقيقي في المسرحية هو ما بين عاطفتها كأم، وقد أعقبت الحسين كثمرة لقائها مع جعفر، وما بين خوفها على الطفل وقد افتضح أمره من أن تقوم على حضانته لعلم الناس به في بغداد، وهنا مكمن مأساتها الحقيقية من حيث كونها ليست شخصية مسيطرة على غريزتها خالصة للمجد، مثل كليوباترا شكسبير وشوقي التي تعشق المجد، وتخذل حبيبها أنطونيو، وتفر من معركة أكتيوم لسياسة عليا، بل هي كليوباترا برناردشو تلك الطفلة المهزولة التي تحن لرجل مفتول الساعدين؛ فيرثي لها قيصر القوي بأن يرسل لها أنطونيو بدله، وهي أنثى رقيقة موجعة القلب كبطلة راسين، فضلًا عن أنها امرأة عادية تمتلك غريزة حب الزواج والولادة، ورعاية الأولاد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015