فصل زمن طويل في بعض الأحيان بين الفصل وتاليه، ومثل شوقي أيضًا نراه يضمن مسرحياته شعرًا غنائيًّا كالنص الذي نسمع فيه قيسًا يناجي لبنى دون أن تكون لبنى معه، بل يناجيها في الخيال، إن صح هذا التعبير، وذلك في الأبيات الجميلة، التي تبدأ بقوله:

أهذه ربى نجدٍ؟ نعم إنها نجد ... فدل عليها البال والشيح والرند

ودل عليها من بعيد شمائل ... مؤرجة تسري وعاطرة تغدو

والتي يصفها الدكتور مندور بأنها قصيدة غنية أكثر منها جزء من حوار، وقيس يلقيها وهو واقف وحده على المسرح، دون أن ندري إلى من يوجه الحديث، وهل هو يلقي بروجًا داخليًّا يفصح فيها عن مكنون نفسه، أم أنه يلقي خطبة على الجمهور؟ فتركيب القصيدة، وما تتضمنه من خواطر لا ينم عن النجوى، كما أنها تتضمن في نهايتها أخبارًا تنبئ بالحل الذي ستصير إليه عقدة المسرحية، وهو فصل زواج قيس من الفزارية، وزواج لبنى من كُثير بن الصلت، وإذا كان لي من تعقيب فهو أن مثل تلك القصيدة لا يمكن أن تكون خطبة، بل لا يمكن أن يخطر في بال أحد أنها خطبة، إذ هي شعر وشعر عاطفي آسيان هامس ورائع، والخطب إنما تكون مجلجلة يتلاعب فيها الخطيب بعواطر سامعيه على حين أن الشاعر هنا، إنما يناجي نفسه بنبرة خفيضة حزينة.

وعن المظهر الذي استقى منه عزيز أباظة مسرحيتي (قيصر) و (زهرة)، يقول محمد بهجت: وفي عام ألف وتسعمائة وثلاثة وستين يقدم عزيز أباظة مسرحية (قيصر) معتمدًا على رواية بلوتارك لتاريخ يوليوس قيصر، ويهتم فيها بالصراع الداخلي بين إيمانه بالجمهورية وولائه للقائد والمعلم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015