إلى أن ما صنعه نظامي إنما يمثل الحلقة الأولى في سلسلة طويلة من الأعمال التي تقلدها لا في الفارسية فحسب، بل في لغات المنطقة كلها، وإن كانت الأعمال ذات القيمة منها قليلة، ومن هذه الأعمال (ليلى والمجنون) للأمير خسرو دهلوي، عام ألف ومائتين وتسعة وتسعين، وقصيدة الجامي سنة ألف وأربعمائة وأربع وثمانين، إلى جانب قصيدتي "هاتفي" و"مكتبي"، ويضيف كاتب مادة " lila and magnon " في "إنسيكلوبيديا إيرانيكا" أن شخصيات القصة الفارسية التي أبدع نظامي كلها شخصيات أرستقراطية مَثَلها في ذلك مثل شخصيات أمثالها من القصص العاطفية في الأدب الفارسي، بالإضافة إلى بعض العناصر الفارسية الأخرى، كالملك الذي كان يرغب في أن يكون له وريث، وكشعر الطبيعة الذي يتغنى بالشروق والغروب والبساتين، وكالزاهد الذي كان يعيش في كهف، وكملك مَرْو وكِلابة وكابتهالات المجنون إلى الله والأجرام السماوية، وأحاديثه التعليمية ما عد من شخصيات القصة إلى آخره.
كذلك يذكر كاتب المقال أن المجنون لدى نظامي مثلما هو من أصل عربي شاعر عذري بارع، بل لقد نظم على لسانه الأشعار الغزلية، وإن كان قد وشى تلك الأشعار بلمسة صوفية واضحة، فلم يعد الحب عند قيس حبًّا أرضيًّا صافيًا، بل حبًّا روحيًّا أرضيًّا معًا، مع ميل كِفة الميزان ناحية الضرب الأول، وبالمثل يشير الكاتب إلى التأثير الذي أضافته قصة نظامي إلى حكايات المجنون، إذ اندفع عدد من الشعراء الفرس والكرد والترك والباشتو إلى تقليد نظامي في نظم القصائد، التي تروي حكايته هو وليلى حتى وسط القصائد الفارسية وحدها، التي تنسج على منوال قصيدة نظامي نحو ستين، وكلها على نفس البحر الذي نظم عليه نظامي قصيدته إلى جانب تأثرها بها في عدد من العناصر الأخرى، كالحديث عن حلية الخمر في دين الحب، ومما تناوله الكاتب أيضًا ترجمة قصيدة نظامي إلى عدد غير قليل من اللغات الأخرى.