الأول: خلال القرن الثاني عشر والثاني: خلال القرن الخامس عشر، كما يصبح لا بد لنا من التوقف عند عدد من كبار رسامي المنمنات الفارسية من الذين أنفقوا وجهدًا كبيرًا؛ لتحقيق رسوم رائعة تصور بعض فصول الحكاية.

ومن أبررزهم أغا ميرك، ومير سيد علي، وميرزا علي، والشيخ محمد، وإن بقيت رسوم أغا ميرك الأجمل، إذ ارتبطت بالصيغة التي كتبها نظامي للحكاية.

وإضافة إلى ما تقدم يفصل الكاتب الأمر قائلًا: إن الباحثين يذكرون أن نظامي وجامي اشتغلا على الحكاية نفسها من ناحية الأحداث، ولكن ثمة فارقًا كبيرًا بين عمل الأول وعمل الثاني، ذلك أن نظامي المتوفى في سنة ألف ومائتين واثنتين أعاد صوغ الحكاية كما هي، أي: أنه ركز على أحداثها الظاهرة وبُعدها العاطفي، واقفًا مع حق الإنسان في الحب مدينًا للأهل الذين سعوا بكل جهدهم؛ كي يحولوا دون تحقيق اللقاء بين الحبيبين.

أما جامي فإنه استخدم الحكاية في صورة رمزية خالصة؛ كي يتحدث من خلالها عن الحب الإلهي بصيغة صوفية، حيث إن العاشقين يمثلان هنا بالنسبة إليه ذلك الحب السامي الذي تتفانى من خلاله الروح لكي تذوب في الذات العليا، والحال أن هذين البعدين المختلفين الذين أسبغا على الحكاية نفسها في الثقافة الفارسية، إنما يعبران خير تعبير عن المزاج العام الذي كان يعتمل في فارس كل حقبة من الحقبتين اللتين عاش في أولاهما نظامي فيما عاش جامي في ثانيتهما، ففي عصر نظامي كان شيء من الفكر المادي الدنيوي يسيطر أيام ازدهار الأوضاع الاقتصادية، وبدء ظهور النزعات الإنسانية، وصولًا إلى انتشار الدعوات الواقعية، التي تتعاطى مع شئون الحياة الدنيا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015