والظلم من شيم النفوس فإن ... تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم
والواقع أن مرجع كل كلام في مسألة المتنبي وأرسططاليس، والكتاب الذي وضعه في هذا الموضوع محمد بن الحسن الحاتمي بعنوان: (الرسالة الحاتمية في سرقات المتنبي من أرسططاليس)، وقد كانت العرب تدرس هذه المسائل في باب السرقات في كتب البلاغة والنقد، إلا أن العبرة كما هو معلوم بالمضمون لا بالشكل والمصطلح، فالسرقة في داخل الأدب القومي ليست كالسرقة إذا تمت بالسطو على أدب أمة أخرى، وهذا النوع الأخير يدخل في باب الأدب المقارن، وهذا هو الاصطلاح الذي قبلناه، وأدخلنا معه ذلك التخصص في مقررات جامعاتنا، وتبنيناه في دراساتنا وبحوثنا ورسائلنا العلمية.
وفي المقالة الثامنة من (الفهرس) لابن النديم، وتحت عنوان: الفن الأول في أخبار المسامرين والمخرفين، وأسماء الكتب المصنفة في الأسمار تطالعنا هذه الوثيقة المهمة، التي يتطلع لمثلها الدارس المقارن لما تقدمه له من عون كبير في موضوع تتبع المسارات، التي اتخذتها الأشكال والأجناس الأدبية في انتقالها من ثقافة أمة إلى ثقة أمة أخرى، يقول ابن نديم: أول من صنف الخرافات وجعل لها كتبًا وأودعها الخزائن، وجعل بعض ذلك على ألسنة الحيوان الفرس الأُوَل، ثم أغرق في ذلك ملوك الأشغانية، وهم الطبقة الثالثة من ملوك الفرس، ثم زاد ذلك واتسع في أيام ملوك الساسانية ونقلته العرب إلى اللغة العربية، وتناوله الفصحاء والبلغاء فهذبوه ونمقوه وصنفوا في معناه ما يشبهه، فأول كتاب عمل في هذا المعنى كتاب (هزار أفسان) ومعناه ألف خرافة.
وكان السبب في ذلك أن ملكًا من ملوكهم كان إذا تزوج امرأة، وبات معها ليلة قتلها من الغدـ فتزوج بجارية من أولاد الملوك ممن لها عقل ودراية يقال لها: