في وعائه يريد أن يعرف.. أهي امرأة تلك التي تعلم ما في الطبيعة كأنها الطبيعة".

وتلك صورة شهرزاد في عين شهريار بالمسرحية، فهي لغز عميق ينطوي على أسرار الوجود. أما في عين قمر الوزير فملاك سماوي، بينما هي في عين العبد الأسود القبيح بنت الأرض بغريزتها الجسدية، وكأنها الطبيعة، يرى كل من الثلاثة فيها نفسه مطبوعة كأنها المرآة المصقولة، شهريار بحيرته وتنقيبه عن المجهول وأسراره، والوزير بطهارة روحه وسمو نفسه، والعبد بغريزته الحيوانية التي ستنكشف لنا عما قليل لا عنده وحده؛ بل عند شهرزاد أيضًا التي تخضع كغيرها من النساء لمطالب المرأة الجسمية.

وفي الفصل الثالث تصعد أزمة شهريار وتشتد، فنجده مع الساحر وقمر مصممًا على الرحيل في أطراف العالم، ويحاول قمر أن يرده عن عزمه قائلًا: "هل يحسب مولاي، لو جاب الدنيا طولًا وعرضًا، أنه يعلم أكثر مما يعلم وهو في حجرته هذه". وتظهر شهرزاد وتحاول أن ترجعه إليها، قائلة: "إن رجلًا بقلبه قد يصل إلى ما لا يصل آخر بعقله"؛ ولكنه يصمم على الرحيل حتى يتحرر من عقال المكان.

ويرحل في الفصل الرابع مع وزيره، وتلتقي شهرزاد بالعبد رمز الشهوة الجسدية في الفصل الخامس وتنغمس معه في إثم الخطيئة رغم سواده وغلظته وضَعة أصله ومنبته. ويدخل شهريار مع وزيره في الفصل السادس "خان" أبي ميسور، ويعلمان فيه خيانة شهرزاد وترتجف نياط قلب العابد الولهان قمر، ويعود بمولاه في الفصل السابع إلى شهرزاد، لعله ينتقم من زوجته وعبدها الخسيس؛ ولكن شهريار قد تحوَّل وأصبح فكرًا محضًا، فلا ينتقم. وينتحر قمر، ويحس مولاه بالهزيمة، وأنه لا يستطيع انطلاقًا من المكان، من الأرض: "دائمًا هذه الأرض، لا شيء غير الأرض، هذا السجن الذي يدور، إنا لا نسير، لا نتقدم ولا نتأخر، لا نرتفع ولا ننخفض؛ إنما نحن ندور، كل شيء يدور". ويصبح معلقًا بين الأرض والسماء ينهشه القلق والحيرة.

وأكبر الظن أنه قد اتضحت فلسفة توفيق في هذه المسرحية، وأنه يؤمن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015