2- مقالاته:

لعل محمد عبده خير مَن يصور لنا تطور نثرنا في القرن الماضي بتأثير الصحف والاطلاع على بعض آثار الغربيين، فإنه تعلم الفرنسية في منفاه، وكان قبل أن يُنْفَى كثير القراءة لما تُرجم في عصره من كتب مختلفة.

وبدأ حياته الأدبية منذ أن كان طالبًا في الأزهر، فقد كتب في صحيفة الأهرام سنة 1876 مجموعة من المقالات. ومن يقرؤها يلاحظ أن دائرة اطلاعه متوسطة؛ بحكم ثقافته المحدودة. وليس ذلك فحسب، فإنه يكتب بلغة السجع المعروفة على نحو ما نرى في هذه القطعة من مقالة له عنوانها "الكتابة والقلم" يقول:

"لما انتشر نوع الإنسان في أقطار الأرض، وبَعُد ما بينهم في الطول والعرض، مع ما بينهم من المعاملات، ومواثيق المعاقدات، احتاجوا إلى التخاطب في شئونهم، مع تنائي أمكنتهم، وتباعد أوطانهم، فكان لسانُ المرسِل إذ ذاك لسانَ البريد، وما يدرك هل حفظ ما يبدئ المرسل وما يعيد، وإن حفظ هل يقدر على تأدية ما يريد، بدون أن ينقص أو يزيد، أو يبعد الغريب أو يقرب البعيد. فكم من رسول أعقبه سيف مسلول، أو عنق مغلول، أو حرب تخمد الأنفالس، وتعمر الأرماس، ومع ذلك كان خلاف المرام، ورمية من غير رام ... فالتجئوا إلى استعمال رقم القلم، ووكلوا الأمر إليه فيما به يتكلم".

وواضح أنه في هذا التاريخ لم يكن يملك وسائل الكتابة الطبيعية للتعبير عما في نفسه؛ لأن هذه الوسائل في ذلك الوقت لم يكن يملكها أحد من المصريين،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015