على التحليل الاجتماعي لا على التحليل النفسي، وفي مقدمة هذا الجيل توفيق الحكيم ومحمود تيمور ونجيب محفوظ.
أما توفيق الحكيم، فاعتمد في قصصه على بعض حوادث وتجارب رآها في حياته كما نرى في "يوميات نائب في الأرياف"، وحاول أن يتناول بعض مشاكلنا القومية الوطنية كما في "عودة الروح". وهو يطبع قصصه بطوابع إنسانية عامة، وإن كان يحاول في الوقت نفسه محاولة جادة أن يصور معالم الروح المصرية الشرقية.
ويُعْنَى محمود تيمور في قصصه بعيوبنا الاجتماعية، وهو يلتقي بطه حسين وتوفيق الحكيم في كثير من قصصه؛ ولكن له أسلوبه وشخصيته المستقلة. أما نجيب محفوظ، فيُعْنَى بتصوير الطبقات الوسطى والشعبية وما تخضع له من الظروف المختلفة في البيئة والمجتمع مما ينتهي بها أحيانًا إلى الانحراف الاجتماعي أو الخلقي.
وبجانب القصة الاجتماعية الطويلة وُجدت عندنا القصة التاريخية منذ مطالع هذا القرن، فقد ألف جورجي زيدان نيفًا وعشرين قصة تصور الأحداث العربية الكبرى، وهي ليست قصصًا بالمعنى الدقيق؛ إنما هي تاريخ قصصي، تدمج فيه حكاية غرامية، وهو تاريخ يحافظ فيه الكاتب على الأحداث دون أي تعديل، ودون أن تحليل للمواقف والعواطف الإنسانية. غير أننا لا نتقدم طويلًا بعد الحرب العالمية الأولى حتى تأخذ هذه القصة عندنا في النضج، وكان أول من أوفى بها على الغاية من الكمال الفني محمد فريد أبو حديد في قصته "زنوبيا"، وقد أتبعها بقصصه الأخرى: الملك الضليل والمهلهل ثم "جحا في جانبولاد". وهو في قصصه جميعًا يتقن البناء القصصي ورسم شخوصه والنفوذ إلى دخائلها وخباياها النفسية. ويلقانا في هذا المجال كثيرون مثل: علي الجارم ومحمد سعيد العريان ومحمد عوض محمد.
ولا بد أن نشير هنا إلى أن سنوات الحرب الأخيرة أتاحت لفن القصة عندنا ازدهارًا واسعًا، فقد أُغْلق البحر الأبيض أمام أدبائنا، فلم تعد تَرِدُ إليهم القصص