ويرحل إلى أمريكا، وينشر بها ديوانه "من السماء" سنة 1949، وفيه كثير من صور البحر والطبيعة والحياة هناك. وقد تُوفي -كما أسلفنا- وهو على أهبة إصدار أربعة دواوين.

ودفعتْ أبا شادي معرفته الدقيقة بالآداب الغربية وما رآه عند أستاذه مطران من أشعار قصصية إلى أن يقوم بمحاولات في هذا الاتجاه، وكانت أولى محاولاته "نكبة نافارين" التي نشرها في سنة 1924، وفيها خلد ذكرى القوات البحرية المصرية التي ذادت عن الخلافة العثمانية والترك في موقعة نافارين لعهد محمد علي. وقد صور فيها الأسطول المصري منذ خروجه من قواعده إلى أن حاقت به الهزيمة في صور زاخرة بالحياة، وختمها بندب سيز وستريس للقتلى وبكائهم. وفي سنة 1925 نظم قصة جديدة بعنوان "مفخرة رشيد" خلد فيها ذكرى القوات المصرية التي ردت عدوان الإنجليز الآثم عن هذه المدينة في موقعة إبريل سنة 1807. وأتبع ذلك بقصتين اجتماعيتين هما: "عبده بك" و"مها"، وهو فيهما أقل توفيقًا من الناحية القصصية والشعرية.

وعلى نحو ما عالج القصة في شعره عالج المغناة "الأوبرا"، فقد مضى منذ سنة 1927 يؤلف فيها آثارًا مختلفة، ومعروف أن المغناة لا تعتمد على الشعر والتمثيل فحسب؛ بل تعتمد أيضًا على موسيقى مركبة. وقد يكون اعتمادها على هذه الموسيقى وألحانها أكثر من اعتمادها على التمثيل والشعر. ولعل ذلك هو السبب في أن مغنياته أو "أوبراته" لم تلقَ النجاح المنشود، وكأنه أحس بما كان ينتظرها، فكتب في ذيل مغناته الأولى "إحسان" بحثًا مسهبًا في تعريف المغناة "الأوبرا" وتاريخها ومدارسها الإيطالية والفرنسية والألمانية، مبينًا أن المدرسة الأولى وحدها هي التي تعوِّل فيها على الموسيقى والغناء، بينما تعترف المدرسة الثانية بالنص الأدبي، وتبالغ الثالثة في الاعتماد عليه وتجعله الأساس. وقد مضى مهتديًا بالمدرسة الأخيرة في صنع مغنياته، محاولًا أن تكون لها قيمة درامية مستقلة.

ومما لا شك فيه أنه وفق في الوعاء الذي اختاره لمغنياته؛ إذ اتخذ موضوعها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015