يتغنى بأمجاد مصر وآثارها القديمة. ونراه في نفس السنة يخرج ديوانه الضخم "الشفق الباكي"، وهو يقع في أكثر من ألف صحيفة، تسبقها مقدمات وتليها دراسات في شعره. ونراه في هذا الديوان ينظم بعض الأقاصيص ويترجم عن الإنجليزية بعض الأشعار، ويذكر بين يدي بعض منظوماته أنها من الشعر المرسل، وقد تكون من الشعر الحر "ص535".

وقد علق في طائفة من أشعاره على كثير من الأخبار العالمية، وشكا من أعباء مهنته التي تعوق ميله إلى الشعر "ص197"، غير أنه عاد فاعترف بأن ملكة الملاحظة التي تعوَّد عليها في الطب أفادته في شعره، ومن ثم خص مجهره "الميكروسكوب" بقصيدة أطراه فيها، جعل عنوانها "رفيقي الكشاف".

وفي رأينا أن هذه الملكة جارت عليه أكثر مما ينبغي؛ إذ جعلته يحوِّل كل ملاحظاته إلى شعر، ونراه يحتفظ في هذا الديوان بطائفة من قصائده التي نظمها في إنجلترا؛ كقصيدته في سقوط الجليد وحديث البحر وصحبة الآلام. وعلى شاكلة دواوينه السابقة تبرز في "الشفق الباكي" أمانيه الوطنية ومشاعره القومية، سواء في بعث الذكرى لدانشوي ويوم التل الكبير، أو في تحيته لعبد الكريم بطل الريف المغربي، وتألمه لكارثة دمشق حين قذفها الفرنسيون بالمدافع سنة 1925، وقد رد على "كبلنج" الشاعر الإنجليزي الاستعماري في قولته: "الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا" ردًّا مفحمًا. ودائمًا نجده يرتبط بأحداثنا السياسية وكثير من المشاهد اليومية. ويحدثنا عن أعياد أسرته التذكارية. ولما توفي سعد زغلول خصه بكتيب ضمنه رثاءه له، حتى إذا كانت ذكرى الأربعين نظم فيه مرثية أخرى بعنوان "التراث الخالد".

ولا يكاد يفرغ من نشر ديوانه الكبير "الشفق الباكي" حتى يتخذ العدة لنشر ديوانه "وحي العام"، معلنًا أنه سيصدر كل عام ديوانًا بهذا العنوان على طريقة الحوليات. ونمضي معه إلى سنة 1931، فنراه يخرج ديوانه "أشعة وظلال" نازعًا عن نفس القوس التي رأيناها في الدواوين السابقة، وهو فيه كثيرًا ما يأتي بإحدى الصور لبعض الرسامين العالميين، ويحلل خواطره إزاء موضوعها، كما أنه كثيرًا ما يترجم مقطوعات ومنظومات عن بعض الشعراء الغربيين،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015