وَأَمَّا التَّقْدِيمُ وَالتَّوْكِيدُ: فَإِنَّهُ لَيْسَ كُلُّ ذِي لُبٍّ أَوْ ذِي أَمَانَةٍ يَعْرِفُ وُجُوهَ الْأُمُورِ وَالْأَعْمَالِ، وَلَوْ كَانَ بِذَلِكَ عَارِفًا لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ حَقِيقًا أَنْ يَكِلَ ذَلِكَ إِلَى عِلْمِهِ دُونَ تُوْقِيفِهِ عَلَيْهِ وَتَبْيِينِهِ لَهُ وَالاحْتِجَاجِ عَلَيْهِ بِهِ.

وَأَمَّا التَّعَهُّدُ: فَإِنَّ الْوَالِي إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا، وَإِنَّ الْعَامِلَ إِذَا فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ كَانَ مُتَحَصِّنًا حَرِيزًا.

وَأَمَّا الْجَزَاءُ: فَإِنَّهُ تَثْبِيتُ الْمُحْسِنِ، وَالرَّاحَةُ مِنَ الْمُسِيءِ.

لاَ يُسْتَطَاعُ السُّلْطَانُ إِلاَّ بِالْوُزَرَاءِ وَالْأَعْوَانِ، وَلاَ يَنْفَعُ الْوُزَرَاءُ إِلاَّ بِالْمَوَدَّةِ وَالنَّصِيحَةِ، وَلاَ الْمَوَدَّةُ إِلاَّ مَعَ الرَّأْيِ وَالْعَفَافِ.

وَأَعْمَالُ السُّلْطَانِ كثيرةٌ، وَقَلِيلٌ مَا تُسْتَجْمَعُ الْخِصَالُ الْمَحْمُودَةُ عِنْدَ أَحَدٍ، وَإِنَّمَا الْوَجْهُ فِي ذَلِكَ وَالسَّبِيلُ الَّذِي بِهِ يَسْتَقِيمُ الْعَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ السُّلْطَانِ عَالِمًا بِأُمُورِ مَنْ يُرِيدُ الاسْتِعَانَةَ بِهِ، وَمَا عِنْدَ كُلِّ رَجُلٍ مِنَ الرَّأْيِ وَالْغَنَاءِ (?)، وَمَا فِيهِ مِنَ الْعُيُوبِ.

فَإِذَا اسْتَقَرَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ عَنْ عِلْمِهِ وَعَلِمَ (?) مَنْ يَأْتَمِنُ، وَجَّهَ لِكُلِّ عَمَلٍ مَنْ قَدْ عَرَفَ أَنَّ عِنْدَهُ مِنَ الرَّأْيِ وَالنَّجْدَةِ وَالْأَمَانَةِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِيهِ، وَأَنَّ مَا فِيهِ مِنَ الْعُيُوبِ لاَ يَضُرُّ بِذَلِكَ. وَيَتَحَفَّظُ مِنْ أَنْ يُوَجِّهَ أَحَدًا وَجْهًا لاَ يَُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى مُرُوءَةٍ إِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ، وَلاَ يَأْمَنُ عُيُوبَهُ وَمَا يَُكْرَهُ مِنْهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015