طوائف المدينة الاخرى كاليهود، وإن كانوا لا ينتمون إليها انتماء وثيقا كالمهاجرين والأنصار؛ ولذلك لم تقع عليهم نفس الواجبات وليس لهم نفس الحقوق (?) .
لقد كانت التكليفات بين الأفخاذ والبطون ضرورة لسد العجز الذي قد ينشأ عن عدم وجود بيت مال «المهاجرين من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم وهم يفدون عانيهم (?) بالمعروف والقسط بين المؤمنين» (?) . ويلاحظ في المواد التالية أن الصحيفة كررت هذه المادة مع بقية الأفخاذ والبطون، وذكر منها بني عوف وبني ساعدة وبني الحارث وبني جشم وبني النجار وبني عمرو بن عوف وبني النبيت وبني الأوس (?) وبذلك فإن الصحيفة لم تشر إلى الحيّين الكبيرين (الأوس والخزرج) بل ذكرت البطون الصغيرة؛ لأن أثرها أقوى في المجتمع اليثربي إضافة إلى أن هذه التكليفات تقوم بها البطون الصغيرة دون القبائل الكبيرة (?) .
وكان على هذه البطون أن تسكن في مكان واحد كنوع من التنظيم للمجتمع المدني وأن يتعاون هؤلاء في حمل هذه التكاليف كالدين وغيره، فقالت الصحيفة: «لا يتركون مغرما بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل» (?) وهذا يوضح جليّا أن النبي صلّى الله عليه وسلم يكن يريد تحطيم القبيلة، إنما كان يريد أن يتخطى العصبية محاولا تشذيبها وتوجيهها بحيث يستفاد منها وفق مفاهيم الدين الجديد الداعية إلى التكافل في المجتمع الإسلامي.
أما كلمة «طائفة» الواردة في هذه المادة أن كل طائفة ... (?) . فيقصد بها فروع (بطون) القبائل دون الأفراد، ولعل في هذا نوعا من التخصيص أكثر دقة بأن تتحمل هذه الطوائف أخطاء أفرادها الصغار دون أن يحمل ذلك للقبيلة الكبيرة (?) .
ونصت الصحيفة أيضا «أنه لا يخلف مؤمن مولى مؤمن دونه» (?) وفي هذا إقرار