بمرحلتين مهمتين، هما: مرحلة الدعوة الفردية (السرية) ، ومرحلة الدعوة الجماعية (العلنية) ، وكان لكل مرحلة من هاتين المرحلتين تخطيط خاص، اقتضاه واقع الحال والظروف المحيطة بالدعوة وأتباعها.
وفي مبحث «إدارة الدعوة في يثرب قبل الهجرة» تم الحديث عن إرسال مصعب بن عمير إلى يثرب ليدعو أهلها إلى الإسلام، وكان يلقب هناك «بالمقرئ» مما يشير إلى توجه جديد في التنظيم الإداري يتم بعيدا عن العصبية القبلية. وما تلا ذلك من بيعة هؤلاء الأنصار للرسول صلّى الله عليه وسلم وإنشاء نظام النقباء سيكون هؤلاء كفلاء على أقوامهم، ويكوّنون رجال الإدارة في الدولة بعد ذلك.
وتناول مبحث «ملامح الإدارة في الهجرة النبوية» التخطيط للهجرة، وخروج الرسول صلّى الله عليه وسلم وأصحابه إلى يثرب ضمن خطة محكمة اتّبع فيها مبدأ تقييم العمل، والسرية الكاملة في التخطيط والتنفيذ.
وفي المبحث الأخير لهذا الفصل «الإجراات الإدارية بعد الهجرة» تم الحديث عن دور الإدارة الجديدة للمدينة في تقسيم الدور على المهاجرين، واستيعابهم في المجتمع الجديد، وبناء المسجد ليكون مركزا للحكم والإدارة، والمؤاخاة بين المسلمين لإيجاد مجتمع مترابط أمام الأخطار الخارجية والداخلية التي تهدد المجتمع الجديد، وإنشاء السوق التجارية ليتميز المسلمون في تعاملهم، وتخليص الاقتصاد المدني من سيطرة اليهود القائمة على الاستغلال والجشع، وكان عقد الصحيفة بين مواطني المدينة الإجراء الإداري الكبير الذي نظم به النبي صلّى الله عليه وسلم أمر المدينة، وبيّن حقوق الأفراد وواجباتهم، وربط المجتمع كله بجميع فئاته بالقيادة الجديدة المتمثلة بالرسول صلّى الله عليه وسلم وبذلك استكملت الدولة أركانها المتمثلة بوجود أمة وأرض ودستور ينظم شؤونها الداخلية والخارجية.
وتناول الفصل الثالث «التنظيم الإداري للدولة» مبحث «إدارة البلدان وتقسيماتها» ، حيث بيّن موضوع إدارة الدولة المتمثلة بالرسول صلّى الله عليه وسلم والنقباء والمستشارين، وشمل موضوع تقسيمات الدولة إلى واحدات إدارية أرسل النبي صلّى الله عليه وسلم لكل واحدة من هذه الواحدات واليا من قبله، أو أقرّ زعيما أو شيخا على منطقة من المناطق أو قبيلة من القبائل، وبيّن هذا المبحث واجبات وحقوق هؤلاء الولاة، وشروط التعيين والاختيار لمن يتولى إدارة من الإدارات؛ إذ لابد أن تتوافر فيه صفات التقوى والورع والكفاءة والخبرة؛ لمكافأة متطلبات الوظيفة وحاجاتها.