يثرب التي يكثر فيها اليهود ولهم دور كبير في خلخلة أمنها واستقرارها.
لقد مكث مصعب في يثرب عاما واحدا استطاع خلاله أن يوجد قاعدة صلبة للدين الجديد، تمثل ذلك في عدد المؤمنين الذين جاؤوا إلى الموسم في مكة للالتقاء مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم ويبايعوه البيعة الثانية والتي سميت «بيعة العقبة الثانية» (?) .
لقد كان أمر التهيئة لمباحثات البيعة قد تم بتخطيط دقيق وفيها تم تحديد معالم الدولة الجديدة وقيادتها، فقد تحرك الوفد اليثربي إلى مكة بسرّية تامة، فلم يكن أحد من قومهم يعلم بهدف خروجهم، ولما وصلوا مكة «تواعدوا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في أواسط أيام التشريق في منى» (?) ، وكان التخطيط النبوي يقتضي أن يخرج هؤلاء لموعد اللقاء خروجا منظما. يقول كعب بن مالك (ت 50 هـ) : «حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا لميعاد رسول الله صلّى الله عليه وسلم نتسلل تسلّل القطا» (?) . ويشير ابن سعد (ت 230 هـ) إلى ذلك بقوله: «فخرج القوم يتسللون الرجل والرجلان وقد سبقهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم» (?) .
وكانت الخطوة التالية من التخطيط المحكم كما يشير المقريزي (ت 845 هـ) هو تأمين مكان الاجتماع بالحراسة اليقظة، فقال: وجاءهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم والعباس ... فأوقف العباس (ت 32 هـ) عليّا على فم الشعب عينا له وأوقف أبا بكر (ت 13 هـ) على فم الطريق الاخر عينا له (?) . فلم يعلم أحد من الصحابة بهذا اللقاء السري إلا من كان له مهمة خاصة من الحراسة والمراقبة وهما علي وأبو بكر رضى الله عنهما.
وهكذا؛ فقد تم اللقاء بين الأنصار وبين رسول الله بنجاح كامل وبايع النبي صلّى الله عليه وسلم أصحابه من الأنصار، ثم قال لهم النبي صلّى الله عليه وسلم: «إن موسى أخذ من بني إسرائيل