تسارع في إرسال وفد يحمل الهدايا إلى النجاشي لرد هؤلاء الخارجين على أعراف قومهم (?) ولكن حجة المسلمين كانت أقوى من حجة الوفد القرشي، فلم تفلح سفارة قريش في ردهم، وتحققت فراسة النبي صلّى الله عليه وسلم: «إن فيها ملكا لا يظلم» (?) .

وكان هذا الفشل على الصعيد السياسي والإعلامي الذي لحق بقريش قد جعلها تفكر بطريقة أكثر شراسة تجاه المسلمين المتبقين في مكة، فاجتمعوا على مقاطعة النبي صلّى الله عليه وسلم والمؤمنين وكتبوا بذلك صحيفة (6 ق. هـ) وضعوها في جوف الكعبة (?) ، وبالفعل استمر الحصار على المسلمين ثلاث سنوات كاملة جعل النبي صلّى الله عليه وسلم يتحرك على جميع الأصعدة لفك الحصار عن المؤمنين، فحاول ابتداء تحريك عاطفة القرابة والرحم عند بعض المكيين لإبطال هذا الطوق الذي فرضته مكة، واستطاع أن ينجح في ذلك، بأن وقف بعض وجهاء مكة أمام أبي جهل (ت 2 هـ) ودعا هؤلاء أهل مكة إلى نقض الصحيفة، ولم يستطع أبو جهل أن يقف أمام رغباتهم، ولعل دقة التخطيط واختيار هذه الوجوه الفاعلة في مكة كان له أثر كبير في نجاح الخطة مما جعل أبو جهل يصف ذلك بقوله: «إن هذا أمر قضي بليل» (?) .

تابع النبي صلّى الله عليه وسلم دعوته عارضا ذلك على القبائل في المواسم (?) ، ولم يكن هذا العرض بطريقة عشوائية؛ بل كان بعد دراسة متأنية وفاحصة لأمر كل قبيلة ومدى مؤهلاتها، فكان النبي صلّى الله عليه وسلم يذهب إلى القبائل ومعه أبو بكر الصديق (ت 13 هـ) فيقول: «ممن القوم؟ فيقولون: من بني فلان» . ويبدو أن هذا السؤال كان يقصد به

طور بواسطة نورين ميديا © 2015