الخارجية، «فالسّفارة» عرفت كوظيفة إدارية «لبني عدي» فكان أهل مكة إذا أرادوا أن يبعثوا سفيرا بعثوا عمر بن الخطاب (ت 23) (?) وقبلوا سفارته في حالة السلم أو الحرب، وكانت هذه المهمة تحتاج إلى فطنة خاصة، ومعرفة بالقبائل وأوضاعها وأنسابها فكانوا «يبعثونه منافرا أو مفاخرا ورضوا به» (?) .
وهناك إشارات تفيد أن «البريد» عرف في مكة قبل الإسلام، وقد ظهر ذلك في شعر ينسب إلى «ورقة بن نوفل» قاله عندما قتل عثمان بن الحويرث في بيت «ابن جفنة الغساني» فاتهم به، وكان يعرف ب «راكب البريد» (?) فقال ورقة:
وركب البريد مخاطرا عن نفسه ... ميت المظنة للبريد المقصد (?)
لقد أتقن المكيون بناء العلاقات وعقد المعاهدات مع جميع الأطراف، ولعل في الإيلاف مصداقا لذلك. واستطاعت مكة أن تلعب لعبة التوازن بإتقان بين الشرق والغرب في ذلك الحين، وحافظوا على سياسة الحياد في تعاملهم مع الروم والفرس، فكان لديهم المرونة والقدرة على التحرك واستثمار العلاقة العدائية بين الفرس والروم (?) .
لقد حاول الروم غير مرة احتواء مكة، ولكنهم باؤوا بالفشل (?) . واستطاع المكيون أن يحافظوا على معاهدتهم الخارجية المتمثلة بالإيلاف «وأن يحافظوا على تقاليد الحكم في المجتمع المكي المتمثلة بقيادة الملأ» .
ومن الإدارات التي يشار إليها في مكة «الإدارة القضائية» حيث كان هناك قضاة يحكمون بين الناس، فكان عامر بن الظرب يجلس في الأسواق والمواسم فيأتيه الناس من شتى القبائل فيحكم بينهم (?) . ويلاحظ أن القضاة بعد عامر كانوا من بني تميم (?) ، وقد افتخر الشعراء التميميون في قصائدهم بالواجبات التي قامت بها تميم ومنها القضاء بين الناس، فيقول الفرزدق (ت 114 هـ) :