وظهر في مكة نظام «الحمس» وهو ذو دلالة اقتصادية، وكانت مكة تطبقه على غير القرشيين، وهناك صلة بين نظام «الإيلاف» ونظام «الحمس» (?) ، فالإيلاف امتازت به مكة عند القبائل العربية والدول المجاورة خارج مكة، و «الحمس» امتازت به مكة عند القبائل داخل مكة أيام الموسم (?) .
وتشير المصادر إلى أن مكة أصبحت سوقا مالية، فقد لعب الصيارفة دورا رئيسيّا في الحياة الاقتصادية، فكان هؤلاء يديرون عملية تبادل السلع والعملات، ويقرضون التجار، وأحيانا كان يلجأ الصيرفي إلى التجار في حالة الإفلاس، فيشير المبرد (ت 285 هـ) : «أنه افتقر رجل من الصيارفة بإلحاح الناس في أخذ أموالهم التي كانت لديه ... فسأل جماعة من الجيران أن يسيروا معه إلى رجل من قريش كان موسرا لمبادلته ... فذهبوا إليه» (?) وهذا يدل على أن الصيارفة كانوا يتاجرون بالأموال، فهم مركز مصرفي أخذا وعطاء.
بقي أن نذكر في إدارة مكة المالية قضية «الضرائب» التي كانت تأخذها مكة. فقد اصطلحت قريش أن تأخذ ممن كان ينزل عليها في الجاهلية حقّا دعته «حق قريش» (?) ، فكانوا يأخذون من الغريب القادم إليهم عن هذا الحق بعض ثيابه أو بعض بدنته التي ينحر. ونجد مثلا على ذلك (أن ظويلم- مانع الحريم- خرج يريد الحج فنزل على المغيرة بن عبد الله المخزومي، فأراد المغيرة أن يأخذ منه ما كانت قريش تأخذ فامتنع عليه ظويلم) (?) .
وكانت هناك ضريبة «العشر» مقررة في كل سوق، يستوفيها عشارون ممن يبيع ويشتري المشرف على السوق ومن في أرضه يقام (?) . ومن هنا، فقد تنافس هؤلاء