وتشير الاية إلى هذا التنافس، حيث أصبحت هذه الوظيفة من مفاخر قريش الكبرى، قال تعالى: أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ (?) [التوبة: 19] وهكذا؛ يبدو لنا أن السقاية لم تكن وظيفة فردية بقدر ما كانت ذات صفة أو سلطة رسمية.

وأما السدانة «الحجابة» وهي رعاية البيت (?) ، والقيام على خدمة الزائرين، فكانت من الوظائف المهمة، ولا سيما أن الكعبة تعدّ من أقدس مقدسات العرب، فكانت ولايتها إلى بني عثمان من عبد الدار، ثم وليها عبد العزى بن عثمان ثم أبو طلحة (عبد الله بن عبد العزى) ، ثم وليها ولده، حتى كان فتح مكة فأبقاها النبي صلّى الله عليه وسلم مع عثمان بن طلحة «ت 42 هـ» (?) .

ويلاحظ أن هذه الوظيفة بقيت في نسل عثمان إلى يومنا هذا، ذلك بأن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «خذوها يا ال عثمان خالدة تالدة، لا ينزعها منكم إلا ظالم» (?) . وكذلك فإن «العمارة» كانت من مفاخر قريش؛ إذ أشار القران الكريم إلى ذلك بقوله: أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ [التوبة: 19] وكان يقوم بها العباس (ت 32 هـ) وشيبة بن عثمان، وكانت هذه الوظيفة تعني أن يمنع من يتكلم بالسوء في البيت الحرام (?) .

وكانت هناك وظائف إدارية دينية أخرى، ولكنها أقل شأنا من سابقاتها، فالإفاضة من مزدلفة كانت في «عدوان» ، حيث لا يفيض الناس حتى يفيض من يتولى هذه المهمة من عدوان، يتوارثون ذلك أبا عن جد، حتى كان اخرهم الذي قام عليه الإسلام «أبو سيارة عميلة بن الأعزل» (?) .

وأما الأموال التي تسمى للالهة، وهي «الأموال المحجرة» ، فكانت وظيفة للحارث ابن قيس من بطن سهم (?) . وكان صفوان بن أمية (ت 41 هـ) من جمح، يتولى عملية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015