الفصل السادس إدارة شؤون القضاء
كان حلف الفضول الذي عقدته قريش في دار ابن جدعان لرد المظالم التي تقع في مكة دليلا واضحا على وجود المظالم في الجاهلية (?) ، وكان النبي صلّى الله عليه وسلم قد حضر هذا الحلف قبل النبوة، ثم أقره بعدها فقال: «لا يزيده الإسلام إلا شدة» (?) ، وروى أحمد (ت 241 هـ) قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «شهدت حلف المطيبين مع عمومتي وأنا غلام، فما أحب أن لي حمر النعم وإني أنكثه» (?) ، وهذا يفيد أن إقرار النبي صلّى الله عليه وسلم له يجعله في حكم وكأنه كان. بعد الإسلام، يقول الماوردي (ت 450 هـ) : «إلا أنه صار بحضور رسول الله صلّى الله عليه وسلم له، وما قاله في تأكيد أمره حكما شرعيّا وفعلا نبويّا» (?) .
وتشعر الروايات بأن نظر أمر المظالم- في هذه الفترة- كانت داخلة في القضاء، فتذكر المصادر أن النبي صلّى الله عليه وسلم- وهو قاضي المسلمين في المدينة- قد نظر المظالم في الشرب الذي تنازعه الزبير بن العوام (ت 36 هـ) ورجل من الأنصار فحضره بنفسه وقال: «اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك» ، فقال الأنصاري: يا رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن كان ابن عمتك، فتلون وجهه ثم قال: «اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجذر- أصل الحائط- ثم أرسل الماء إلى جارك» (?) قال الزهري (ت 124 هـ) :
«واستوفى النبي صلّى الله عليه وسلم للزبير حقه في صريح الحكم حين أحفظه الأنصاري، وكان أشار